فضل الرجال على النساء

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الرجال على النساء  

18/1/1432هـ(غ)

فلله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، فهو الذي يقضي ويمضي ، ويميت ويحيي، ويمنع ويعطي، ويفاضل بين بعض مخلوقاته ، فلقد فضل بعض الملائكة على بعض ، وبعض الأنبياء على بعض، وبعض الأيام وبعض الليالي وبعض الشهور وبعض القرون على بعض، لحكمة يعلمها سبحانه وقد تظهر أو تخفى على عباده، والمسلم الموحد لا يملك حيال ذلك إلا الرضى والتسليم ، والانقياد والتعظيم ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً﴾ .

عباد الله: إن قضية تفضيل الرجل على المرأة قضية حسمها الشرع ، وبينها الوحي قال جل وعلا ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ وقال سبحانه ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾  وقال عز وجل ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وقال عليه الصلاة والسلام: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء» ، فقلن له : وما نقص عقلنا وديننا يا رسول الله ؟ قال : «أليس أن شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟» ، قلن : بلى قال : « فذلك من نقصان عقلكن ، أوليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم ؟ » قلن : نعم قال : « فذلك من نقصان دينها » والمراد بالتفضيل أن الله خص الرجال بصفات تختلف عن صفات النساء  لحكمة يريدها وهذه الصفات التي خصهم مثل: القوة البدنية، قوة التحمل، عدم الجزع والقدرة على تدبير الأمور، وتمام العقل عند تزاحم الوارد عليه. وجعل النبوة في الرجال ، ولهم القوامة على النساء. ولهم ضعف ميراث المرأة؛ وجعل في الرجال الإمامة العظمى ومنصب القضاء ، وجعل  أمر الطلاق بيد الرجل والانتساب إليه. وجعل شهادته تعدل شهادة امرأتين، و في مقابل ذلك كلف الرجال بأمور لم يُكلف بها النساء ؛ كالجهاد والنفقة والأذان والصلاة في المسجد وغيرها

عباد الله : هذا التفضيل هو مقتضى العدل ، إذ لو سوى بينهما لكلفت النساء ما لا طاقة لهن به، وما لا يتناسب مع طبائعهن، كما أنه مقتضى العقل والفطرة فإنهما يجزمان بأن لكل من المرأة والرجل خصائصه المبنية على تكوينه العقلي والنفسي والجسمي الذي يختلف اختلافاً واضحاً عن الطرف الآخر، فهل يعقل أن تتساوى وظيفتهما مع هذا الاختلاف؟ أم أن العقل والفطرة والعدل والقسط كلها تجزم بأن يكلف كل منهما من الواجبات ما يقدر عليه، ويعطى من الحقوق ما يستحقه، ويسند إليه من الوظائف ما يلائمه ويناسبه، وهذا هو الذي جاء به الشرع وقرره قسطاً وعدلاً .

عباد الله : هذا التفضيل ليس مطلقاً ؛ فليس كل ذكر أفضل من كل أنثى ، بل هناك كثير من النساء أفضل من كثير من الرجال، وإنما هو تفضيل باعتبار الجنس وأصل النوع، أما باعتبار الأفراد، فلا يطلق بفضل الرجال ولا النساء وإنما الأفضلية للأتقى، فأمر الآخرة مرتبط بالإيمان والعمل الصالح. فمن كان مؤمناً عاملاً الصالحات فهو الأقرب عند الله  تعالى كما قال سبحانه: ﴿إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ فأيما امرأة آمنت بربها وعملت من الصالحات فهي في منـزلة من آمن وعمل الصالحات من الرجال، ولا فضل له عليها في الآخرة لأجل رجولته، ولاشك بأن المرأة عقيلة النساء، وأمّ الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بأخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون.

أيها المسلمون : يا معشر الرجال اسمعوا بعض حقوقكم على النساء التي فرط كثير منكم فيها ، فضعفت قوامتكم ، وضعف أمركم عليهن ونهيكم ، قال صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة توفيت وزوجها راض عنها دخلت الجنة» وروى الإمام أحمد والنسائي عن الحصين الأنصاري، عن عمة له أنها أتت رسول الله صلى عليه وسلم لحاجة لها، فلما فرغت من حاجتها قال: «أذات زوج أنت؟» قالت: نعم. قال: «فكيف أنتِ له؟» قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: «فانظري أين أنت منه فأحسني، فإنه جنتك ونارك» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت» وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» وقال عليه الصلاة والسلام «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضا حتى ترضى» وقال صلى الله عليه وسلم : «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها ، لعنتها الملائكة حتى ترجع».

الخطبة الثانية

الحمد لله :

عباد الله : لقد تأثر فئام من الناس بما يبثه الغرب وأتباعه من أفكار حول المرأة ظاهرها الدفاع عن حقوقها ، وباطنها دفع الناس إلى حرية فاجرة حائرة ضاعت بسببها مجتمعاتهم وتخلخلت بها أسرهم، فأجلب هؤلاء بخيلهم ورجلهم يشوهون ويسخرون من أمر المرأة بالقرار في بيتها، وأظهروا المرأة المطيعة لزوجها الحافظة لحقوقه، القارة في بيته، بصورة المرأة المتخلفة الجاهلة.

عباد الله : لما تقاعس الرجال عن القيام بدورهم الشرعي تجاه المرأة ،ظهرت المنكرات في صفوف النساء، كالتبرج والسفور والاختلاط والتصوير ، والسفر خارج البلاد لغير حاجة شرعية، وعدم القرار في البيوت ، وتقليد الكافرات في الملابس وإظهار العورات،والتساهل في مخاطبة الباعة والخدم،والخلوة بالسائقين ، يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله رادًّا على دعاة الاختلاط ونزع الحجاب: "إن ثمرات الاختلاط مُرة, وعواقبه وخيمة, رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها، والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه، ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى؛ فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم بإنصافٍ من نفسه وتجرد للحق عما عداه، فسيجد التحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر" ا.هـ

عباد الله : من العجيب أن ترى وتسمع في بعض البلاد الكافرة المطالبة بفصل الرجال عن النساء ، في المدارس والجامعات والأعمال ، كما حدث في المكسيك يوم أن عانت من ويلات الاختلاط في المواصلات، فقامت بجعل باصات خاصة لنقل الرجال وأخرى خاصة للنساء ، فانخفضت جرائم التحرش بالنساء عندهم لأكثر من 80% ، ثم يأتي بعض من يدعون الثقافة والفكر من أبناء جلدتنا ويطالبون بالاختلاط ، هذا الإعلام الذي ملأ الدنيا ضجيجا مطالبا بحقوق المرأة ، وكأنها أم القضايا ، أين هذا الإعلام في باب الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك ، أينه من الدعوة لإقامة الصلاة ليعم بذلك الأمن وتختفي المنكرات قال الله ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ أينهم من إثارة قضايا الولاء والبراء ،أينهم من الدعوة لبر الوالدين وصلة الأرحام والتخلق بآداب الإسلام  ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً﴾ فاتقوا الله وقوموا بما أوجبه عليكم «كلكم راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته»