( فبهداهم اقتده ) من صفات الأنبياء

 

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهُدُّهُ اَللَّهُ ، فَلَا مُضِل لَهُ ، وَمِنْ يُضَلِّلُ ، فَلَا هَادِي لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ..

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾..

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


  عباد الله

قال تعالى ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ ولهذا اصطفى من عباده الأنبياء لما وهبهم سبحانه من الصفات الطيبة التي يحبها الله سبحانه

وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ -تَعَالَى- بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90].


وَمِنْ أَهَمِّ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ:

 كَمَالُ عُبُودِيَّتِهِمْ لِلَّهِ -تَعَالَى-: فَهُمْ مُتَذَلِّلُونَ لربهم، خَاشِعُونَ خَاضِعُونَ لَهُ، أَوَّابُونَ تَوَّابُونَ لِجَلَالِهِ، ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ﴾.

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: الصِّدِّيقِيَّةُ: وَهِيَ صِفَةٌ جَامِعَةٌ لِتَمَامِ الْعِلْمِ الْكَامِلِ، وَالْيَقِينِ الثَّابِتِ، وَالْفَهْمِ التَّامِّ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَمْ يُعْهَدْ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِمْ، حَتَّى إِذَا قَالُوا بِالنُّبُوَّةِ صَدَّقَهُمْ قَوْمُهُمْ، وَاللَّهُ -تَعَالَى- وَصَفَ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ بِالصِّدِّيقِيَّةِ: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا﴾


وَمِنْ صِفَاتِهم: الصَّلَاحُ وَالْإِصْلَاحُ: فَالْأَنْبِيَاءُ صَالِحُونَ مُصْلِحُونَ، صَلُحَتْ قُلُوبُهُمْ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَجَوَارِحُهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ بِذِكْرِهِ الدَّائِمِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: الدَّعَاءُ وَالْخُشُوعُ: دُعَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِرَبِّهِمْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ قُوَّةِ يَقِينٍ، وَعَظِيمِ ثِقَةٍ وَعِلْمٍ بِقُدْرَةِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَنَّهُ لَا يَعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ؛ وَلِذَا دَعَوْهُ في جميع احوالهم و فِي ظُرُوفٍ ظَنَّهَا النَّاسُ ضَرْبًا مِنَ الْمُسْتَحِيلِ، وَدَعَوْهُ لِكَشْفِ الضُّرِّ وَالْمَكْرُوهِ، عِنْدَمَا تَقَطَّعَتْ بِهِمُ السُّبُلُ، وَدَعَوْهُ عِنْدَ النَّوَازِلِ وَالْخُطُوبِ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ: وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ،

 قال عليه الصلاة والسلام «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: الصَّبْرُ وَعَدَمُ الْيَأْسِ: ولَقَدِ امْتُحِنُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ بِصُنُوفِ الْمِحَنِ، فَلَمْ تَزِدْهُمْ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ، وصبرا

قَالَ تعالى فِي شَأْنِ أَيُّوبَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: الْعَزْمُ وَالْحَزْمُ، وَكَمَالُ العقل والْقُوَّةُ وَالْبَصِيرَةُ فِي الدِّينِ:

 فَهُمْ أَقْوِيَاءُ فِي الْأَخْذِ بِالشَّرْعِ وَتَبْلِيغِهِ، أَقْوِيَاءُ فِي التَّوْحِيدِ، وفي الْعِبَادَاتِ وَالْمَوَاقِفِ الصَّعْبَةِ، أَقْوِيَاءُ فِي أَبْدَانِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ.


وَمِنْ صِفَاتِهم: الْمُسَارَعَةُ فِي الْخَيْرَاتِ: وَهِيَ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الطَّاعَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهَا، مَعَ الرَّغْبَةِ فِيهَا، وَالسَّبْقُ إِلَيْهَا بِلَا تَرَدُّدٍ، أَوْ إِبْطَاءٍ، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾.

 

وَمِنْ صِفَاتِهم: التواضع مع الخلق والرحمة بهم فهم لا يريدون علوا في الأرض

ولا فسادا وإنما يريدون انقاذهم من النار

فيدعونهم إلى تحقيق التوحيد لله وافراده بالعبادة


ومن صفاتهم الْأَمَانَةُ، أُمَنَاءُ فِي تَبْلِيغِ الوحي ، دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ [الْأَحْزَابِ: 39].


فاللهم اجعلنا ممن يقتدي بهم يا ارحم الراحمين

 

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 اما بعد فاتقوا الله عباد الله

واقتدوا بهدي الأنبياء تفلحوا في الدنيا والآخرة


عباد الله وقد بَلَغَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذُّرْوَةَ الْعُلْيَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَجُمِعَتْ كُلُّهَا فِي شَخْصِهِ الْكَرِيمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، فَهُوَ أَفْضَلُ الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ، وَأَفْضَلُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ، وَأَفْضَلُ الْعَابِدِينَ لَهُ، وَأَفْضَلُ الْعَارِفِينَ بِهِ، وَأَفْضَلُ التَّائِبِينَ إِلَيْهِ، وَتَوْبَتُهُ أَكْمَلُ مِنْ تَوْبَةِ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَبِهَذِهِ الْمَغْفِرَةِ نَالَ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَمَالِ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ، وَكَمَالِ مَحَبَّتِهِ لَهُ، وَافْتِقَارِهِ إِلَيْهِ، وَكَمَالِ تَوْبَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ؛ صَارَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ"


فاللهم أصلح أحوالنا واجعلنا من المقتدين بسنة نبينا والمعظمين لها يا حي يا قيوم


اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والمنافقين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين وفي كل مكان

اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا


اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق أمامنا خادم الحرمين الشريفين وأولي عهده لما تحب وترضى اللهم أرزقهم البطالة الصالحة الناصحة اللهم انصر بهم دينك


 ‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة تي حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا أن الحمد لله رب العالمين