الطمأنينة والخشوع في الصلاة

 

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهُدُّهُ اَللَّهُ ، فَلَا مُضِل لَهُ ، وَمِنْ يُضَلِّلُ ، فَلَا هَادِي لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ..

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾..

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.


أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

يا عباد الله هاهنا قصة عظيمة فيها التبيه على امر عظيم يغفل عنه كثير من الناس فانتبه يا رعاك الله

كان نبينا عليه الصلاة والسلام ذات يوم جالسا بين أصحابه في المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فرد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عليه السلام

وقال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع الرجل فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال له رسول اللهِ ﷺ: «وعليك السلام»

وقال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في المرة الثالثة فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام فقال له رسول اللهِ ﷺ: «وعليك السلام» وقال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل».


فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها».

عباد الله

ولَمَّا رأى حُذَيْفةُ بنُ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنهما رجُلًا لا يُتِمُّ الرُّكوعَ ولا السُّجودَ فقالَ لَهُ حذيفةُ: يا ابن أخي منذُ كم تصلِّي هذِهِ الصَّلاةَ ؟ قالَ : منذُ أربعينَ عامًا ، قالَ : ما صلَّيتَ منذُ أربعينَ سنةً، ولو متَّ وأنتَ تصلِّي هذِهِ الصَّلاةَ لمتَّ على غيرِ فطرةِ محمَّدٍ ﷺ.


وهذا يدل على أنه يجب على المُصلِّي أنْ يَطمئِنَّ في كلِّ رُكنٍ مِن أركانِ الصَّلاةِ؛ لأنَّ الاطمئنانَ رُكنٌ فيها؛ فيجب أنْ يَطمِئنَّ في القيامِ وفي الرُّكوعِ وفي السُّجودِ وفي الرَّفعِ مِنَ الرُّكوعِ وفي الجلوسِ بيْنَ السَّجدتَينِ، والاطمئنانُ أنْ تَستقرَّ أعضاءُ المصلِّي في الرُّكنِ الَّذي هو فيه؛


وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام ذلك وقال ارجع فصل فإنك لم تصل وما ذاك إلا لأنه لم يطمئن في صلاته، بل نقرها ولم يتم ركوعها ولا سجودها، فعلمنا بذلك أن الرجل الذي لا يتم صلاته لا صلاة له، فصلاته باطلة، وهذا خطر عظيم يبتلى به كثير من الناس في هذا الزمان


عباد الله مما يعين العبد على الطمأنينة في صلاته والخشوع فيها أَنْ يَسْتَحْضَرَ الْعَبْدُ أَنَّهُ إِذَا أَحْرَمَ بِصَلَاتِهِ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ»، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ».


وصَلَّى رَسولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقالَ: يا فُلَانُ، ألَا تُحْسِنُ صَلَاتَكَ؟ ألَا يَنْظُرُ المُصَلِّي إذَا صَلَّى كيفَ يُصَلِّي؟ فإنَّما يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، إنِّي واللَّهِ لأُبْصِرُ مِن ورَائِي كما أُبْصِرُ مِن بَيْنِ يَدَيَّ


وَمَنْ ذَاقَ لَذَّةَ مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى بِحُضُورِ قَلْبِهِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَمَلَّ مِنَهَا؛ فاطمئن فيها وخَشَعَ قَلْبُهُ وَجَوَارِحُهُ، وَوَجَدَ أُنْسًا وَلَذَّةً لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ، وَرَخُصَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنَيْهِ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ لِلْفَجْرِ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».

فاللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ؛ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ .

أما بَعْدُ .. اتقوا الله حق التقوى ، وراقبوه في السر والنجوى ، واعلموا أن أجسادكم على النار لا تقوى .


عباد الله ومما يعين على الطمأنينة والخشوع في الصلاة

الِاسْتِعْدَادُ لِلصَّلَاةِ، وَحُسْنُ الوُضُوءِ لَهَا، وَالتَّبْكِيرُ لِلْمَسْجِدِ، وَاسْتِحْضَارُ مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَتَذَكُّرُ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْحِسَابِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.


فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والمنافقين

 وانصر عبادك الموحدين


اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان

اللهم واحقن دماء المسلمين

اللهم وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك الحق ردا جميلا


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين


اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا ان الحمد لله

رب العالمين