نعمة الإسلام والسنة (خطبة عيد الفطر 1446)

 

الحمد لله على نعمة الإسلام

والحمد لله على نعمة القرآن

والحمد لله على نعمة الأمن والإيمان والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾..

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد


عبادَ اللهِ: إنَّ أعظمَ نعمةٍ أنعمَ اللهُ بها علينا أن هدانا ربُّنا إلى الدينِ الحقِّ وهو دينُ الإسلامِ الذي أكملَه سبحانَه وأتمَّ به نعمتَه علينا، وفضَّلنا به على مَن سوانا من العالمين، قال تعالى ﴿بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾


فاشكروا اللهَ على نعمِه وفضلِه، وافرحُوا بهذا العيدِ فرحًا تتقربونَ به إلى اللهِ، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾. فالمؤمنُ يفرحُ بإتمامِ العبادةِ، ويتضرَّعُ إلى ربِّه في قبولِها

ألا وإنَّ من علامةِ قَبُولِ الحسنةِ الحسنةُ بعدَها، والمحافظةُ على الطاعةِ، والحذرُ من الرجوعِ للمعاصي والذنوبِ والإصرارِ عليها أو المجاهرةِ بها.

عبادَ الله .. نستقبلُ هذا العيدَ السعيدَ، ونحن نتقلَّبُ في نعمٍ منَ اللهِ متتاليةٍ، وآلاءَ متتابعةٍ، فاشكروا هذه النعم، فإنه بشكرها تدوم، وبكفرها تَحلُّ الآفات والشرور.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد


عبادَ الله، إن دينَ الإسلامِ العظيمِ القويمِ جعلَه اللهُ خاتمةَ وخلاصةَ الأديانِ السماويةِ السابقةِ، قد اشتملَ على خيرِ وأحسنِ ما فيها، وضمَّنَه ربُّنا تبارَك وتعالَى تشريعاتٍ وأحكامًا عظيمةً صالحةً لكلِّ زمانٍ ومكانٍ.

فما من خيرٍ وصلاحٍ إلا أمرَ به وحثَّ عليهِ، ومَا من شرٍّ وفسادٍ إلا نهَى عنه وحذَّر منه


1- فأمرَ اللهُ في هذا الدينِ العظيمِ بأعدل العدل وهو توحيدِه وإخلاصِ العبادةِ له؛ فإنها حقٌّ للهِ وحدَه؛ لأنه هو الخالقُ العظيمُ السميع البصير المالكُ المدبرُ للكونِ، الأحدُ الصمدُ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾.


وأخبرنا بعظمته فقال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، فَالرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وعلى جميع خلقه ارتفع وعلا، ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾

 

ونهى في هذا الدين العظيم عن أبشع الجرائم وأعظم الظلم من الإلحاد والتشكيك في وجود الله والاستهزاء بالدين أو بشيء مما ‏شرعه رب العالمين والسحر والكهانة والتنجيم ‏ ودعاء الاموات والغائبين والذبح لهم والطواف على قبورهم

وترك الصلاة‏ وغير ذلك من الجرائم التي تخرج العبد عن دين الاسلام ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد


2- وأمرَ الله في هذا الدين العظيم بالإيمانِ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورسلِه واليومِ الآخرِ والإيمانِ بالقدرِ خيرِه وشرِّه؛ فإنها أركانُ الإيمانِ وأصولُه ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾.


3- وجعلَ من كمالِ الإيمانِ مَحبةَ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ أشدَّ من محبةِ الإنسانِ لنفسِه وولدِه ووالِده

وأمرَ باتباعِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ وبيَّنَ أنه أعظمُ سببٍ لمحبةِ اللهِ لعبدِه ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.

ونهَى عنِ البدِع والمُحدَثاتِ والتَّحزُّباتِ «كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ».

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد


4- وأمرَ بالتقربِ إلى الله بالعباداتِ العظيمةِ التي تُصلِحُ القلوبَ وتُزكِّيها وتُعلِّقُ القلوبَ بالله عز وجلَّ وتُذهبُ الشحَّ والبخلَ وتُشعرُ بحال الفقراءِ والمُعْوَزِينَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».


5- وجعلَ منَ الإيمانِ محبةَ أصحابِ رسولِ اللهِ عليه الصلاةُ والسلامُ وآلِ بيتِه، والترضِّي عنهم، واعتقادَ فضلِهم، واتباعَ سبيلِهم ومنهجِهم

﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.


 6-وأمرَ بالاجتماعِ على الحقِّ، ونهَى عن التفرقِ والاختلافِ.

وأمرَ بطاعةِ وُلاةِ الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللهِ، وعدَمِ الخروجِ عليهم؛ حفظًا للأمنِ وقوةً للمسلمينَ، وسدًّا لبابِ الشُّرورِ والفِتنِ.

«علَى المرءِ المُسلمِ السمعَ والطاعةَ فيمَا أَحَبَّ وكَرِهَ ما لمْ يُؤمَرْ بمعصيةٍ».


7- وأمرَ ببرِّ الوالدينِ والإحسانِ إليهما غايةَ الإحسانِ وبصِلةِ الأرحامِ ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد


8- ‏وحرمَ الله عزوجل في هذا الدين العظيم كلَّ جريمةٍ ‏فيها اعتداءٌ على ‏الدينِ والنفسِ والعِرضِ والمالِ والعقلِ؛

فحرَّم الرِّدةَ، والقتلَ، والزِّنا، واللِّواطَ، ‏والقذفَ، والسَّرقةَ، وأَكلَ الرِّبا، ‏وأَكلَ مالِ اليتيمِ، والغِشَّ، والغَصْبَ، والخَمرَ، والمُخدِّراتِ.

في الصحيحينِ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ: «اجْتنبُوا السَّبعَ المُوبقاتِ» -يعني: المُهلكاتِ-

وحث على التوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي

وهو سبحانه يفرح بتوبة عباده ويقبل توبة التائبين


9- وجعلَ المسلمَ الكامِلَ وهو المؤمنَ مَنْ سلِمَ المسلمونَ من لسانِه ويدِه، وحثَّ على إفْشَاءِ السلامِ، وإطْعامِ الطَّعامِ، ‏وكفالةِ اليتيمِ، والسَّعيِ على الأرْملةِ والمسكينِ. واكرام الضيف والصدق والأمانة وحسن الجوار

أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

 


الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ رب العالمين

‏وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين

اما بعد

10-فمن محاسنِ هذا الدينِ العظيمِ أن عظَّم شأنَ المرأةِ وأكرمَها إكرامًا لا يوجدُ له نظيرٌ في العالمِ، فجعلَ للمرأةِ حقوقًا عظيمةً، فيجبُ برُّها والإحسانُ إليها إذا كانت أمًّا، وتعظيمُ قدرِها إذا كانت أختًا، وتربيتُها ورعايتُها إذا كانت بنتًا، ومعاشرتُها بالمعروفِ والخُلُقِ الطيبِ والنفقةُ عليها إذا كانتْ زوجةً.


وجعلَ عليها واجباتٍ يجبُ القيامُ بها فأوجبَ عليها البرَّ والإحسانَ لوالديها وطاعتَهما في غيرِ معصيةِ الله، وأوجبَ عليها طاعةَ زوجِها في المعروفِ، وعدَمَ الخروجِ من المنزلِ إلا بإذنِه وأن تُجيبَهُ إلى حاجتِه، وأوجبَ عليها تربيةَ أبنائِها التربيةَ الطيبةَ،


وأوجبَ عليها الحجابَ الشرعيَّ الساترَ الكاملَ بغطاءِ الوجهِ؛ حفظًا وإكرامًا لها وطهارةً لقلبِها وقلوبِ الرجالِ ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾.

وحرمَ عليها الخلوةَ مع الرجالِ غيرِ المحارمِ، والاختلاطَ بهم الذي يؤدِّي إلى الفتنةِ؛ حفظًا وصيانةً واكرامًا وطهارةً لها..


وامر بحفظ كيان الأسرة فينبغي على الزوجين التحلي بالصبر والحلم والاناة وعدم العجلة في الطلاق

ونهى المرأة عن طلب الطلاق من غير سبب شرعي


فاللهمَّ لكَ الحمدُ على نعمةِ الإسلامِ ‏والسنة

اللهم تقبلْ صيامَنا وقيامَنا وسائرَ أعمالِنا


اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان

اللهم احقن دماء المسلمين وجنبهم الفتن


‏اللهم احفظ علينا الأمن والايمان

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين


اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين