آخر جمعة من رمضان

 

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهُدُّهُ اَللَّهُ ، فَلَا مُضِل لَهُ ، وَمِنْ يُضَلِّلُ ، فَلَا هَادِي لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾..

أُمًّا بَعْد.. فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابَ اَللَّهِ، وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْيَ مُحَمَّدْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتِهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةِ ضَلَالَةِ


عِبَادَ اللهِ.. ها أنتم أدركتم هذه العشر المباركة، والليالي الفاضلة، في عفو وعافية، ونعم من الله عليكم متتالية،

فمن كان مقصرا فيما مضى فليبادر بالتوبة وليغتنم ما بقي فالعبرة بالخواتيم

ومن كان محسنا فليحمد الله وليجتهد فيما بقي فلم يبق إلا القليل

فأروا الله من أنفسكم خيرا، واشكروا الله على نعمه، واستبقوا الخيرات، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين..


معاشر المسلمين.. لقد فرض الله عليكم في آخر شهر رمضان زكاة الفطر،

وهي زكاة عن النفس والبدن وليست زكاة عن المال


وتعطى للفقراء وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة قادر عليها كبيرا كان أو صغيرا لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين» متفق عليه.


والحكمة من فرضها على العباد لأجل الإحسان إلى الفقراء وكفهم عن السؤال في أيام العيد؛ وليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به،

وفيها تطهير للصائم مما يحصل في صيامه من نقص ولغو وإثم،

وفيها إظهار شكر نعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) رواه أبو داود


وأما جنس الواجب في الفطرة فهو طعام الآدميين من تمر أو بُرٍّ أو أرز أو غيرها،


عباد الله ولا يجزئ إخراج القيمة من النقود عن زكاة الفطر؛ لمخالفة ذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث فرضها صاعا من الطعام، وهو فعل الصحابة رضي الله عنهم واخراجها طعاما من شعائر الله ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

فَعَظِّمُوا هَذه الشَّعِيرَةِ فِي نُفُوسِكُمْ وَنُفُوس أَبْنَاؤُكُمْ

أَخْرَجُوهَا وَهُمْ يُشَاهِدُونَهَا وَعَلِّمُوهُمْ أَحْكَامِهَا وَالْحِكْمَة مِنْهَا.


 والقدر الواجب من زكاة الفطر صاع من الطعام بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو ما يقارب ثلاثة كيلو جرامات.

وأفضل وقت لإخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد،


والله نسأل أن يفقهنا في الدين، وأن يتم علينا النعمة وأن يرزقنا شكرها، وأن يختم لنا بالقبول والغفران إنه هو الغفور الرحيم.

 


الخطبة الثانية:


 الْحَمْدُ لِلَّهِ على إحسانه والشكر على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه واشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

 أما بعد، فاتقوا الله عِبَادَ الله، وَأَحْسِنُواْ تَوْدِيعَ شَهْرِكُمْ، فَإِنَّهُ مَاضٍ بِالشَّهَادَةِ لَكُمْ أَوْ عَلَيْكُم


 عباد الله، يَشْرَعُ التَّكْبِيرِ مَعَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ

حَتَّى دُخُولِ الْإِمَامِ لِصَلَاةِ العيد فَأَحْيَوْا هَذِهِ الشَّعِيرَةِ فِي كُلِّ مَكَان ارْفَعُوا بِهَا أُصُواتكم فِي الْبُيُوتِ وَالطُّرُقَات وَالْأَسْوَاق والمساجد وفي كل مكان.


وَإِنَّ مِنْ فَضْلِ الله تعالى أَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُم صَوْمَ يوم العيد، وَأَوْجَبَ فِطْرَهُ لِتَفْرَحُواْ بِهِ


فَتَجَمَّلُواْ فِي عِيدِكُمْ، وَتَنَظَّفُواْ وَاغْتَسِلُواْ، وَالْبَسُواْ أَحْسَنَ ثِيَابِكُمْ، وَأَظْهِرُواْ الفَرَحَ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ.

وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَغْتَالُواْ حَسَنَاتِكُمْ بِارْتِكَابِ المَعَاصَي، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُوَدِّعُواْ شَهْرَكُمْ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ


وَاعْلَمُواْ أَنَّ صَلَاةَ العِيدِ حَثَّ عَلَى شُهُودِهَا رَسُولُكُمْ -عليه الصلاة والسلام - وَقَدْ أَوْجَبَهَا جَمْعٌ مِنَ العُلَمَاءِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ مُقِيمٍ،


والله نسأل أن يختم لنا شهر رمضان برضوانه، والعتق من نيرانه، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين