فضل العمل والحث عليه والتحذير من التسول

 

إن الحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾


عباد الله قد حث اللهُ تعالى ونبيُه عليه الصلاة والسلام على العمل والتكسب والسَّعْيِ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].

وقالَ: «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُم أَحبُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِيَ الجَبَلَ، فَيَأْتِي بحُزْمَةٍ مِن حَطَبٍ عَلى ظَهْرِهِ فَيَبيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّه بِهَا وَجْهَهُ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَن يَسأَلَ النَّاسَ: أَعْطَوْهُ، أَوْ مَنَعُوهُ» رواه البخاري.


يا إخوتاه إِنَّ الْعَمَلَ الْمُبَاحَ مَهْمَا قَلَّ شَأْنُهُ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ وَاحْتَقَرُوهُ إِنَّمَا هُوَ شَرَفٌ يَعُزُّ اللهُ بِهِ أهْلَهُ، وَيَلْبَسُهُمْ بِهِ لِبَاسَ الْاسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ، وقدوتنا في ذلك أنبياء الله ورسله فَقَدْ عَمِلُوا بِأَيْدِيِهِمْ، وَمَا نَقْصَ ذَلِكَ مِنْ قَدْرِهِمْ وَمَكَانَتِهِمْ فكان نوح نجارًا، وكان زكريا نجارًا، وكان داود حدادًا يصنع الدروع ويبيعها،

واشتغل نبينا برعي الغنم ثم في التجارة وقال ﷺ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلا رَعَى الْغَنَمَ»،


عباد الله وكما جاء في القرآن والسنة الحث على العمل والتكسب فقد جاء الوعيد الشديد على سؤال الناس من غير حاجة

قال عليه الصلاة والسلام: «مَن سأل الناس أموالهم تكثُّرًا فإنما يسأل جمرًا فليَستقلَّ أو ليستكثرْ».  ‎[صحيح] - [رواه مسلم]


ومن كان صحيح البدن قادرًا على العمل، فإنه لا يجوز له أن يأخذ من أموال الصدقة، بل يجب عليه أن يسعى لكسب قوته بيده.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تَحِلُّ الصدقةُ لغَنِيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» [رواه الترمذي وأبو داود].


ومن المؤسف حقاً انْتِشَارَ ظاهرة التَّسَوُّلِ فِي المُجْتَمَعِ

فإن هذا يؤدي إلى تَفَشِّي الكَسَلِ وَالاتِّكَالِ، وتَرَكُ العَمَلَ ويودي الى ضَعْفِ الأَمْنِ، إِذْ قَدْ يَتَحَوَّلُ بَعْضُ المُتَسَوِّلِينَ إِلَى مُجْرِمِينَ وعصابات تخطف الأطفال وتتاجر بهم

وفيها خِدَاعُ للمُحْسِنِينَ، وَحَرْمَانِ الفُقَرَاءِ الحَقِيقِيِّينَ مِنَ حقهم.


فعلينا عباد الله أن نتحرى في دفع الزكاة والصدقات لمن يستحقها، فهناك فقراء متعففون لا يسألون الناس، كما وصفهم الله -عز وجل- بقوله: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ بل بعضهم قد يكون من الاقارب والأرحام ونحن عنهم غافلون

فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك

 


الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين اما بعد

فاتقوا الله وعظموه وراقبوه واطيعوا امره ولا تعصوه


عباد الله علينا ان نحذر من ظاهرة التسول فإنها أصبحت وسيلة تُستغل لجمع الأموال بطرق غير نظامية، وكثيرٌ من هؤلاء المتسولين تديرهم عصابات أو جهات خارجية تستغل تعاطف الناس لجمع المال بطرق ملتوية، وقد يستخدمون الأطفال والنساء لاستدرار العطف، مما يهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

فلنحذر من هذه الظاهرة السلبية، ولنساهم جميعًا في القضاء عليها، من خلال الامتناع عن إعطاء المتسولين، وتوجيه المحتاجين إلى الجهات الرسمية، وتعليم أولادنا الحرص على طلب الرزق والتكسب وعدم امتهان العمل المباح وتشجيع كل من يحرص على العمل والرزق الحلال


اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في الشام وفي كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء.  والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات


(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا

اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين


ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة وقنا عذاب النار

عِبَادَ اللهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ. ‏