أحكام يوم الجمعة

 

إن الحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلّا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.


أما بعد فإن فَضَّلَ اللهُ تَعَالَى بَعْضَ الشُّهُورِ عَلَى بَعْضٍ، وَجَعَلَ بَعْضَ الْأَيَّامِ أَعْظَمَ مِنْ بَعْضٍ؛ فَأَفْضَلُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ، وَأَعْظَمُ أَيَّامِ السَّنَةِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْخَصَائِصُ، وَتَنَوَّعَتْ فِيهِ الْفَضَائِلُ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».  أخرجه مسلم


وَلَمَّا كَانَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ أَشْرَفَ الْأُمَمِ، وَأَكْرَمَهَا عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ أَرْشَدَهَا إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَخَصَّهَا بِهِ، وَدَلَّهَا عَلَيْهِ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.


وَشَرَعَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ حَذَّرَ تَارِكَهَا وَالْمُفَرِّطَ فِيهَا، بِالطَّبْعِ عَلَى قَلْبِهِ، وَالْبُعْدِ عَنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ، فَقَالَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ -أَيْ: تَرْكِهِمُ- الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».


وَالِاغْتِسَالُ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ، وَالتَّطَيُّبُ، وَلُبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ، مِنْ أَعْظَمِ السنن والْآدَابِ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى».

وَالْأَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِ التَّبْكِيرُ إِلَيْهَا مَا اسْتَطَاعَ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا».


وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَيُؤْذِيَهُمْ، وَلَا أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ يَجْلِسَ فِيهِ؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَخْطُبُ، فَجَعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ».


وَمَنْ دَخَلَ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الثَّانِيَ؛ فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَلَا يَنْتَظِرُ انْتِهَاءَ الْأَذَانِ، ثُمَّ يَسْتَمِعُ لِلْخُطْبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ لِلْخُطْبَةِ أَوْلَى.

فَإِذَا شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ: اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، وَأَنْصَتَ إِلَيْهِ بِسَمْعِهِ وَقَلْبِهِ، وَلَا يَلْهُو أَوْ يَعْبَثُ بِيَدِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ أَجْرَ الْجُمُعَةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ -وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ- فَقَدْ لَغَوْتَ».


وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ صَلَّى الْإِمَامُ، فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ إِمَامِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَلْيَأْتِ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَدْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَلْيَدْخُلْ مَعَ الْإمَامِ فِي صِلَاتِهِ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَصَلَّى أَرْبَعًا ظُهْرًا.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين اما بعد

فاتقوا الله وعظموه وراقبوه واطيعوا امره ولا تعصوه


عباد الله ومِمَّا يُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمُبَارَكِ: قِرَاءَةَ سُورَةِ الْكَهْفِ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».


وَيُسَنُّ لِلْمُسْلِمِ: أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ».


وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ جَعَلَ فِيهِ سَاعَةً مَنْ وَافَقَهَا يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ. قال رَسُولَ اللهِ ﷺ: «فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ». أخرجاه في الصحيحين


اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين


اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في الشام وفي كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء.  والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات

(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا

اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين