خلق الرحمة

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


أيها المسلمون


في الصحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: قدِم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسبْيٍ، فإذا امرأةٌ من السَّبيِ تسعَى، إذ وجدت صبيًّا في السَّبيِ فأخذته وألصقته ببطنِها وأرضعته، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أترون هذه طارحةً ولدَها في النَّارِ؟» قلنا : لا واللهِ، وهي تقدرُ أن لا تطرحَه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : «اللهُ أرحمُ بعبادِه من المرأةِ بولدِها».

الله أكبر !

سبحان واسِعُ الرَّحمةِ

الذي من أسمائه الحسنى (الرحمن الرحيم)

ومن صفاته العظيمة: الرحمة

قالَ اللهُ -تعالى-: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكوٰةَ وَالَّذينَ هُم بِـٔايٰتِنا يُؤمِنونَ﴾


وكل رحمة تراها في الوجود إنما هي من رحمة الله -عز وجل-؛ فعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلمَ-: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الأَرْضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ».


ومن رحمته سبحانه وتعالى أن أنزل لهم هذا القران هدى ورحمة. وشفاء ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾


ومن رحمة الله بعباده: ان أرسل إليهم الرسل يخرجونهم من الظلمات إلى النور، قال تعالى في حق نبينا محمد: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].


ومن رحمة الله بعباده: أن شرع لهم من الأحكام والمبادئ والأخلاق ما ينفعهم في دنياهم وفي أخراهم، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النور: 56].


ومن رحمة الله: قبول التوبة والعفو عن العاصين

قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾


والرحمة صفة من صفات النبيين والصالحين، قال سبحانه وتعالى واصفاً نبي الرحمة: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159].


أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

 


الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين اما بعد

فاتقوا الله وعظموه وراقبوه واطيعوا امره ولا تعصوه


عباد الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

‏قال عليه الصلاة والسلام: «الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ. ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ»،

‏عباد الله ارحموا أنفسكم أنقذوا انفسكم من النار واخشوا عليها من عقاب الله حافظوا على الصلوات وراقبوا ربكم في الخلوات

‏ارحموا والديكم أحسنوا إليهم غاية الإحسان قبل أن تفقدوهم

‏ارحموا ازواجكم وأولادكم

ادخلوا السرور عليهم وربوهم على الصلاة والبر والخير واصبروا على تربيتهم

ارحموا خدمكم مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر ولا تكلفوهم ما لا يطيقون

ارحموا جيرانكم وأحسنوا إليهم ولا تؤذوهم

وارحموا البهائم بإطعامها وسقيها

فاللهم اجعلنا من عبادك الرحماء وأدخلنا في رحمتك وانت ارحم الراحمين


اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين


اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في الشام وفي كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين


اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء.  والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين


اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات


(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا


اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين


‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين