مخالفات تقع في الميراث

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


عباد الله : فَمِن جَوَانِب عَظَمَة الإسلام وكمال ما شرعه الله فيه : اهْتِمَامِه بِأَحْكَام الْمِيرَاث وبَيَانُهُ لَها، فَجَاءَت أَحْكَامه دَقِيقَة وعادِلة، تَوَلَّى اللَّه تَقْسِيمِهَا وَتَفْصِيلهَا بِدِقَّة بَالِغَة وَبَيَان بَلِيغ بتفصيل دقيق وإحكام وتوثيق، مِمَّا يَسْتَحِيل عَلَى الْبَشَر أنْ يَهْتَدُوا إلَيْه لَوْلَا أنْ هَدَاهُم اللَّه فهو من خلقنا وهو أعلم بمصالحنا

 

وَجَعَلَ سبحانه في فَرْضَها حَسْمًا للنزاعِ المؤدِّي للقطعيةِ والبغضاءِ والشَّحناءَ بَيْنَ الأقارب والوَرَثَةِ، وضَمَانًا لِوُصُولِ الحَقِّ وَافِيًا لِلْوَرَثَةِ مَع بَقاءِ الأُلْفَةِ والمَوَدَّةِ بَيْنَهُم، وسلامَتِهم مِنْ شُؤْمِ التَّنَازُعِ والقَطَعَيةِ.

 قال ربنا جل وعلا بعد ان بين بعض أحكام المواريث: ﴿آباؤكم وَأَبناؤُكُم لا تَدرونَ أَيُّهُم أَقرَبُ لَكُم نَفعًا فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا حَكيمًا﴾


وحذر الله تعالى مِن تَعَدِّي حدودِه في الميراث، ومخالفةِ أمره، فختم آيات المواريث بقوله: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾.


أيها المسلمون.. ومع هذا البيان الشافي لأحكام المواريث في كتاب الله تعالى، والتحذيرِ من تعدي حدوده فيها، فقد وقع بعض المسلمين في مخالفات كثيرة في قسمة الميراث، تجاوزا فيها ما حده الله لهم، واعتدوا على حقوق غيرهم.


فمن تلكم المخالفات:

منعُ المرأة من الحصول على ميراثها، كأن يحرمها أبوها من الميراث صراحة أو بالحيلة المحرمة، كأن يُهدِي من ماله في حياته لأولاده الذكور دون الإناث،

وبعض الآباء يقسم ماله في حياته على أبنائه، ويسترضي البنات بالقليل من المال الذي هو دون حقهن، فهذا كله حرام على الأب، وفعله باطل شرعا.

وقد يكون المنع من الميراث من قبل الإخوة فيستأثرون بالميراث دون أخواتهم، ويحرمونهن ما فرضه الله تعالى لهن، مُستغلِّين ضعف حال كثير من النساء، وقلة حيلتهن.


معاشر المسلمين.. ومن صور المخالفة في توزيع الميراث أن يستولي الأخ الأكبر أو غيره على الميراث، ويماطل بقية الورثة في إعطائهم حقوقهم، خاصة الوارثات من النساء أو القصر من الصغار وكبار السن، قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾


وليَعلم المتولي على أموال القاصرين أنه لا يجوز له التنازلُ عن شيء من نصيبهم في الميراث، ولو كان التنازل لقراباتهم، وكذا لا يحل له التبرع بشيء من نصيبهم في الميراث، بل يجب عليه استيفاء حقهم كاملا، لقول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾


بارك الله لي ولكم . . .

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين اما بعد فاتقوا الله وعظموه وراقبوه واطيعوا امره ولا تعصوه


 عباد الله ومن المخالفات في الميراث، ما ينادي به بعضهم من المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، وقد قال الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ أيريدون أن يردوا كلام الحكيم الخبير

بعقولهم الفاسدة، ثم إن المتأمل في حكمة تفضيل الذكر على الأنثى يجد أن الإسلام إنما فضل الذكر لما يلزمه شرعا من التكاليف المالية التي لا تلزم الأنثى، فهو مطالب بدفع المهر عند النكاح، والنفقة على زوجه وولده حتى وإن كانت الزوجة غنية، والأنثى غير مطالبة بكثير من التكاليف المالية،


ومن المخالفات في توزيع الميراث تأخير قسمة التركة بلا عذر، وهذا خطأ كبير، ربما ترتب عليه ما لا تحمد عقباه من ضياع الحقوق، وصعوبة القسمة بعد ذلك، خاصة إذا مات بعض الورثة جيلا بعد جيل،

ولذا فالواجب على الورثة أن يبادروا بقسمة التركة في أقرب وقت ممكن، وأن يوكلوا عند الحاجة أكثرَهم أمانة وقوة في هذا الأمر،

وعليه أن يتقي الله عز وجل، ويسعى جاهدا في إيصال الحقوق لأصحابها،


وأن يبدأ قبل قسمة الميراث بسداد ديون الميت إن كان عليه الديون، سواء أكان الدين لله كالزكاة التي وجبت على الميت في حياته، أو الكفارات التي مات قبل إخراجها، أم كان الدين للآدميين فيجب المبادرة بسداد جميع ديونه،


ثم يُخرِج وصيته إن كان قد أوصى، ولا ينفذ من الوصية إلا ما كان قدر ثلث التركة أو أقل، أما ما زاد عن الثلث فموقوف على إجازة الورثة البالغين الراشدين، فإن أجازوه نفذ في نصيبهم وإلا لم ينفذ من الوصية إلا قدر الثلث،


ثم ما فضُل بعد سداد الدين وإخراج الوصية فهو ميراث يُقسَم بين الورثة؛ لقول الله عز وجل بعد أن ذكر آيات المواريث وقسمتها بين أصحابها: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.

وينبغي للورثة أو وكيلهم أن يراجعوا أهل العلم فيما يشكل عليهم، وفي معرفة ما يستحقه كل وارث، ليسلموا من مخالفة ما شرعه الله، ومن الوقوع فيما حرم الله عليهم.


اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين


اللهم مكن لأهل التوحيد والسنة في كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين


اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء.  والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين


اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات

(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين