قصة نوح عليه السلام (1)

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


عباد الله: إن أعظم جريمة عصي الله بها هي الشرك فكيف وقعت هذه الجريمة في بني آدم وما قصتها؟


قال ابن عباس: «كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام».

ثم بعد تلك القرون الصالحة التي تربت على التوحيد

حدث أمر استغله الشيطان في اضلال بني آدم

حيث مات خمسة رجال صالحين وهم ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر

فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وهي التماثيل، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك

الجيل وقل تعليم التوحيد عند الناس ونسي العلم غرهم الشيطان بأنهم إنما ينصرون ويرزقون بالتقرب إلى قبور هؤلاء الصالحين وتماثيلهم فعبدوها من دون الله فوقع الشرك وهو أعظم ذنب عصي الله به


فعندما وقعت هذه الجريمة البشعة بعث الله عبده ورسوله نوحا -عليه السلام-؛ يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة ما سواه، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.

يقول الله -تعالى-: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾


فدعاهم إلى التوحيد بأنواع الدعوة في الليل والنهار، والسر والعلن ولقي من قومه أشد الأذى والإعراض

﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾


ولقد صبر عليهم صبرا عظيما وعمرا مديدا حتى إنه لا يُعرف أحدٌ مكث في قومه مثلَ مكثِ نوح، كما قال -تعالى-: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ ومع هذا فلم يؤمن منهم إلا قليل، كما قال -تعالى-: ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ عن ابن عباس: «كانوا ثمانين نفسا، منهم نساؤهم».


ولما أكثر نوح -عليه السلام- من مجادلة قومه وقفوا في وجهه: ﴿قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾


فلما استعصوا عليه، استغاث بربه طالبا النصر منه عليهم، كما قال الله: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾


فأمره الله أن يستعد للنجاة من العذاب وذلك بصنع الفلك، يعني: السفينة بمرأى من الله وتأييد، وتعليم في كيفية صناعتها

وللحديث بقية ان شاء الله

فاللهم اهدنا وسددنا، ويسر الهدى لنا اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ على تَوْفِيْقِهِ وامْتِنَانِه، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله تعظما لشأنه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه الداعي الى رضوانه. أما بعد، فاتقوا الله معاشر المسلمين،


عباد الله ومن الدروس والعبر في قصة نوح عليه السلام


أن الله ما خلق الخلق إلا لأجل التوحيد وهو فطرة الله التي فطر الناس عليها وهو أول الواجبات وأعظمها وأول ما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل وحق الله تعالى على العباد


ومنها ان الشرك أكبر الكبائر

وأعظم الذنوب والجرائم التي لا يغفرها الله لمن مات عليها


ومنها أن من أعظم أسباب وقوع الشرك الغلو في الصالحين وتعظيم القبور والبناء عليها وصناعة الصور والتماثيل

فاللهم ثبتنا على التوحيد والسنة وجنبنا الشرك والبدعة


اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان واجعل لهم فرجا ومخرجا عاجلا غير اجل

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين اللهم وانصر بهم دينك

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك الحق ردا جميلا

‏اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين

ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما

(ارفع يديك)

اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين


ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين