خطر الزنا

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


عباد الله.. إن من الجرائم العظيمة، والموبقات الأثيمة، التي تنفر منها الطباع السليمة، وتشمئز منها الفطر المستقيمة،

 جريمة حرمتها الأديان السماوية، قبل أن يحرمها الإسلام، وظهر فسادها بادياً للعيان، قطعت بسببها الأرحام، وانتهكت لأجلها الأعراض، وأزهقت من جرائها النفوس، واختلطت بها الأنساب

 

أتدرون ما هذه الجريمة الشنيعة؟؟ إنها جريمة الزنا عافانا الله وإياكم منها

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ أي ذنباً عظيماً، ﴿وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ أي وبئس طريقاً ومسلكاً،


وقرن الله جل وعلا هذه الجريمة الشنيعة بالشرك والقتل، فليس بعدهما إثم أكبر من الزنا، ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾

وفي صحيح البخاري عن عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال سَأَلْتُ أو سُئِلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قال: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ» قلت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قلت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ»


الزنا من كبائر الذنوب التي تجلب على المجتمعات البلاء والفتن، والفساد الكبير والمحن، وتوجب العقوبة العاجلة والآجلة،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الربا والزنا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه الحاكم


الزنا سبب لكثير من الأمراض المزمنة، والأوبئة القاتلة، وظهور الطاعون

عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال أَقْبَلَ عَلَيْنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إذا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لم تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا» رواه ابن ماجه،


والزنا سبب كثرة اللقطاء من أولاد الزنا، والذين ينشأون في مجتمعاتهم، محرومين من حنان الأبوين، يتجرعون أنواعاً من الآلام في حياتهم، بسبب لذة عابرة وشهوة طارئة من الزناة والزواني، بل ربما أدخلت المرأة على زوجها بسبب الزنا، من ليس من أولاده، فاختلطت بذلك الأنساب، وتَكشَّف الأجنبيُ على المحارم.

﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾


الزنا سبب لكثرة الجرائم الشنيعة، كاغتصاب الفتيات، وانتشار القتل، فقد يقتل الزاني من زنى بها وقد ينتقم أهل المرأة من الزاني بقتله،

كما أن الزنا سبب لقتل الجنين الذي ليس له ذنب فالزانية تسعى لإخفاء جريمتها بالخلاص من جنينها، وهذا من القتل للنفس التي حرمها الله عز وجل.

ألم تروا كيف وصل ببعضهم أن يضعوا الجنين وهو يصرخ في كيس القمامة ويلقونه في أماكن القاذورات فبالله عليكم ﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾


﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾


وروى البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان في المنام قالا انْطَلِقْ قال: فَانْطَلَقْنَا إلى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فإذا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حتى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فإذا خَمَدَتْ رَجَعُوا فيها وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فقلت

ما هذا قالا انْطَلق، ثم أخبراه أن هؤلاء الذين يعذبون هم الزناة والزواني.


فاللهم اصرف عنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك المخلصين

واعصمنا وازواجنا وذرياتنا والمسلمين من هذا الذنب العظيم

 


الخطبة الثانية:


الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ على تَوْفِيْقِهِ وامْتِنَانِه، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله تعظما لشأنه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه الداعي الى رضوانه. أما بعد، فاتقوا الله معاشر المسلمين،


عباد الله روى الإمام أحمد، عن أبي أمامة، أن فتى شاباً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه ائذن لي بالزنا، فأقبل عليه القوم فزجروه، وقالوا: مه مه. فقال: «ادنه»، فدنا منه قريباً، فقال: «اجلس» فجلس، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: لا واللّه يا رسول اللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم»،

قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا واللّه جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: «أفتحبه لعمتك؟» قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا واللّه جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه»، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء


يا عباد الله يا شباب الإسلام

‏ولما حرم الله الزنا لعظم شناعته وبشاعته حرم كل وسيلة توصل إليه،

  فأمر بغض البصر وحرم الأغاني والمعازف فإنها بريد الزنا، وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية، وأمر المرأة بالحجاب الشرعي الكامل بغطاء الوجه ونهى المرأة عن إبداء شيء من زينتها للرجل الأجنبي، وعن التعطر عند خروجها من بيتها، وخضوعها بالقول عند محادثة الرجال، ومنع الاختلاط الذي يؤدي إلى الفتنة بالمرأة

كل ذلك سدا لذريعة الزنا، وحماية للمجتمع المسلم وصيانة له من الوقوع في هذه الكبيرة العظيمة والمنكر العظيم

 

يارب يارب إنك تعلم ضعفنا وعجزنا وانه لاحول ولا قوة لنا إلا بك فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عن من سواك

فاللهم اصرف عنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك المخلصين

اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين اللهم استر على نسائنا ونساء المسلمين، اللهم ارزقهن الحشمة والعفاف،

اللهم اعز الاسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان واجعل لهم فرجا ومخرجا عاجلا غير اجل


اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين اللهم وانصر بهم دينك


اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك الحق ردا جميلا

‏اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين

ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما


(ارفع يديك)

اللهم أغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين


ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين