حقوق كبار السن

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


قال الله عز وجل: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾

سبحان من خلق الخلق بقدرته، وصرَّفهم في هذا الوجود بعلمه وحكمته

خلق الإنسان ضعيفًا ثم تمر الأيام والليالي   فيمده الله بالصحة والعافية ثم يصير شاباً قوياً

ثم تمر السنين والأعوام وتتلاحق، الأيام تلو الأيام، حتى يصير إلى المشيب والكبر، يقف في آخر هذه الحياة وقد ضعف بدنه وانتابته الأسقام والآلام ثم بعد ذلك يفجع بفراق الأحبة والصحب الكرام. إنه الكبير الذي رق عظمه وكبر سنه وخارت قواه وشاب رأسه،


عندما جاء أبوبكر بأبيه عثمان بن عامر التيمي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راجيا إسلامه، اسْتَقْبَلَ عليه الصلاة والسلام بِحَفَاوَةٍ. وقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ».

ثُمَّ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِ أَبِي قُحَافَةَ وَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَأَسْلَمَ أَبُو قُحَافَةَ وَأَعْلَنَ شَهَادَتَهُ. فهذه أخلاق نبينا عليه الصلاة والسلام مع كبار السن


وقال عليه الصلاة والسلام: «أنزلوا الناس منازلهم»،

وقال عليه الصلاة والسلام «خيركم من طال عمره وحسن عمله».

وقال عليه الصلاة والسلام: «من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا».

فمن كان لا يعرف حقوق كبار السن ولا يعرف ما لهم من حقوق وواجبات فإنه ليس على هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وليس على طريقته -صلوات الله وسلامه عليه-.


وقال عليه الصلاة والسلام: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام الحاكم المقسط». رواه أبو داود

عباد الله: إن إكرام ذي الشيبة من إجلال الله -سبحانه وتعالى-، إن إكرام ذي الشيبة المسلم مما يتقرب به المؤمنون إلى الله، ويطلبون به ثواب الله -عز وجل- وعظيم موعوده


إن كثيرًا من كبار السن يحتاجون إلى رعاية خاصة، ومراعاة لمشاعرهم ونفسياتهم، وكما تَدين  تُدان،، يقول يحي بن سعيد المدني -رحمه الله-: بلغنا "أن من أهان ذا شيبة لم يمت حتى يقيض الله -عز وجل- له من يهينه في كبره"، فالواجب -عباد الله- معرفة حقوق كبار السن والعناية بهم، ولا سيما -عباد الله- إذا كان كبيرُ السن أبًا أو جدًّا أو خالاً أو عمًّا أو جارًا أو قريبًا؛ فإن ذلك -عباد الله- قد اجتمعت فيه حقوق عديدة، حقوق كبر السن، وحقوق الأبوة أو العمومة أو الجوار، أو نحو ذلك، والواجب على المسلم -عباد الله- أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يحسن مع عباد الله، وأن ينزلهم منازلهم، وأن يعطي كل ذي حق حقه.

 اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه

 


الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله الا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين


عباد الله انقوا الله وراقبوه وأطيعوه

يا معاشر الكبار، أنتم كبار في قلوبنا، ونفوسنا، وعيوننا، لكم الفضل بعد الله علينا، أنتم الذين علمتم وربيتم وبنيتم وقدمتم وضحيتم

لئن نسي الكثير فضلكم فإن الله لا ينسى، ولئن جحد الكثير معروفكم فإن الأجر عند الله باق، وعنده الجزاء الأوفى ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾

يا معاشر الكبار، أمّا الآلام والأسقام التي تجدونها فالملائكة كتبت حسناتها، والله عظم أجورها، وستجدونها بين يدي ربكم

فاصبروا على البلاء واحتسبوا عند الله جزيل العطاء فإن الله يضاعف الأجور لعبده المؤمن قال -صلى الله عليه وسلم-: «عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خيرٌ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له» (رواه مسلم 18/ 125).


 يا معاشر الشباب، توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام، وسنة من سنن سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام.

وإجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء

يا معاشر الشباب، ارحموا الكبار وقدروهم ووقروهم وأجلُّوهم وأحسنوا لهم لاسيما من الوالدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات،

واياكم ثم اياكم من عقوقهم أو هجرانهم أو مقاطعة حديثهم أو تسفيه آرائهم أو الزهد في مجالستهم والحديث معهم ومؤانستهم

 فغداً ستفقدونهم ثم تندمون أشد الندم على ما فرطتم في حقوقهم.

فاللهم اجز كبارنا خير الجزاء على ما بذلوه لأجلنا

وارزقهم الفردوس الأعلى من الجنان ووالديهم وارزقنا برهم والإحسان إليهم


اللهم أعز الاسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك الحق ردا جميلا

‏اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين