فضل طلب العلم (2)

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

أما بعد.. فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


أَوَّلُ كَلِمَةٍ مِنْ الوَحْيِ الْمُبَارَكِ نَزَلَتْ عَلَى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هِيَ كَلِمَةُ اقْرَأْ؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ -تَعَالَى-: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، وَهِيَ أَمْرٌ بِطَلَبِ العِلْمِ والسَّعْيِ فِي تَحْصيلِهِ؛ لِأَنَّهُ النّورُ اَلَّذِي يُخْرِجُ النّاسَ مِنْ ظُلُماتِ الجَهْلِ، إِلَى نُورِ العِلْمِ


فَهُوَ مُورِثٌ لِلْخَشْيَةِ، مُثْمِرٌ لِلْعَمَلِ، يَقُولُ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]؛ فَمَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَف


فَأَعْظَمُ مَا تَنَافَسَ فِيهِ الْمُتَنَافِسُونَ بالْعِلْمِ، وَأَغَلَى مَا غُبِطَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ بالْعِلْمِ؛ فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «لا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ؛ رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» (متفق عليه)، وَالْمُرَادُ بِالْحَسَدِ هُنَا الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَهُ، مَعَ بَقَاءِ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ.


وَطَرِيقُ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، وَسَبِيلُ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ لَا يَحْصُلُ إِلا بِالْعِلْمِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ«(متفق عليه).


وَمِنْ ثِمَارِ الْعِلْمِ: بَقَاءُ أَثَرِهِ للإنْسَانِ حَيًّا وَمَيّتًا، فَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ عِنْدَ الوَرَى، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الثَّرَى، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلّا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٌ يَدْعُو لَه» (رواه مسلم).


اللَّهُمَّ عَلِّمْنا مَا يَنْفَعُنا، وانْفَعْنا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا يَا ربَّ العالَمينَ؛ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله الا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين


‏أما بعد فتقوا الله عباد الله واعلموا أن هلاك الناس بذهاب العلم قال عليه الصلاة والسلام إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزع من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالما اتخذ الناس رؤوس جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا واضلوا "


‏فالله الله ايها الطلاب احرصوا على طلب العلم وإخلاص النية في ذلك فإنه من أفضل عبادات وهو أعظم ما يصلح حال أمه

‏ويا أيها المعلمون احرصوا على تعليم الطلاب ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وناصحوهم وارحموهم وكونوا لهم قدوة صالحة لهم

‏ويا أيها الآباء علموا أولادكم آداب طلب العلم واحترام المعلمين وادعوا لهم بالصلاح وابذلوا أسباب صلاحهم وتابعوهم في دراستهم


‏اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا ووفقهم لما تحب وترضى


اللهم اعز الاسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك الحق ردا جميلا

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين