أتاكم يوم عرفة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
أما بعد فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابَ اَللَّهِ، وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْيَ مُحَمَّدْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتِهَا، وَكُلَّ بِدْعَةِ ضَلَالَةِ
عباد الله لا زلنا في أيام العشر المباركة خير أيام السنة
التي قال عنها النبيُ ﷺ «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».
وفيها يومُ عرفة
يَوْمُ كَمَالِ الدِّينِ، وَتَمَامُ النِّعْمَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾، قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ".
وَهُوَ رُكْنُ الْحَجِّ الْأَعْظَمِ، فَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَاتَهُ الْحَجُّ مَعْذُورًا كَانَ أَمْ غَيْرَ مَعْذُورٍ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ قال: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ...».
وَهُوَ يَوْمُ المُبَاهَاةِ بِأَهْلِ المَوْقِفِ في الحج قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا».
وَهُوَ يَوْمُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟».
وَهُوَ يَوْمُ الدُّعَاءِ، وَيَوْمُ تَرْطِيبِ الْأَلْسُنِ وَالْقُلُوبِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ؛ وَيَوْمُ إِصْغَارِ الشَّيْطَانِ وَدَحْرِهِ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ومَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ...».
وصيامه لغير الحاج له فضل عظيم
سُئل رسول الله ﷺ عن صوم يوم عرفة، فقال: يُكفِّر السنة الماضية والباقية،
فاللهم وفقنا للعمل الصالح وتقبل منا يا ارحم الراحمين
أَقَوْلُ ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
فيا عباد الله عظموا شعائر الله
﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
فلا ينبغي للمسلم أن يترك الأضحية وعنده قدرة على ذلك، فالأضحية عبادة عظيمة وشعيرة في يوم عيد الأضحى،
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق دم، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع في الأرض فطيبوا بها نفسا
والجمهور على أنها سنة مؤكدة، وقال بعض العلماء بوجوبها في حق القادر.
وهي أعظم العبادات. في ذلك اليوم
فلا تحرموا انفسكم من هذا الفضل العظيم
واحيوا يا عباد الله شعيرة التكبير في كل مكان. في البيوت والطرقات والأسواق
حتى غروب يوم الثالث عشر
اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان وردنا واياهم الى دينك ردا جميلا يا ارحم الراحمين
اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين
اللهم واجزهم خير الجزاء على ما يبذلونه في خدمة الحجاج والمعتمرين
اللهم وانصر بهم دينك
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة عيون واجعلنا للمتقين إماما
الخطيب : مشعل حمد الشامري
الدولة : السعودية
المدينة : الرياض
اسم الجامع : شيخ الإسلام ابن تيمية
تاريخ الخطبة : 08-12-1445
تاريخ الإضافة : 06-05-1446
تصنيف الخطبة : الخطب
- استغلال الاجازة ونجاح الحج
- أتاكم يوم عرفة
- فضل عشر ذي الحجة
- التوحيد في الحج
- حديث قدسي عظيم (يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي)
- حكم الحج وفضائله
- فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه
- نعمة التوحيد والأمن
- قصة سبأ
- وماذا بعد رمضان
- خطبة عيد الفطر 1445 (نعمة الإسلام والسنة)
- خطبة آخر جمعة من رمضان
- الزكاة
- فضل العشر الأواخر من رمضان
- آخر رجل من أهل الجنة
- شهر رجب
- شهر شعبان
- آداب التنزه والرحلات.
- هم الرزق
- دروس وعبر من قصة ابوسفيان وهرقل
- فتح تستر و صلاة الفجر
- خطبة الاستسقاء
- قسوة القلب
- استقبال رمضان
- أول رمضان
- أحكام متعلقة بالكفار ( تهنئتهم باعيادهم والتشبه بهم )
- خطر الشائعات
- موقف الصديق بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام
- خطبة النزاهة والأمانة والمحافظة على المال العام