نعمة التوحيد والأمن


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،

ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا

من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

أما بعد، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ إن مِنْ أَجَلَّ الْعِبَادَاتِ، وَأَعْظَمِ الطَّاعَاتِ شُكْرُ رَبِّنا تعالى على نعمه المتواليات وبالشكر تدوم النعم وتزيد قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأْذَنَ رَّبِّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لشديد﴾

وبالشكر تُدفع النقم قال تعالى: ﴿ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «عليكم بملازمة الشكر على النعم، فقلَّ نعمةٌ زالت عن قوم فعادت إليهم».


وكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُالت عائشة رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاكَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبكَ وَمَا تَأخَّرَ ؟! قال: «أفلا أكونُ عَبْدًا شكورا» متفق عليه


ومن نعم الله علينا في بلادنا

المملكة العربية السعودية ما مَنَّ الله بهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعْمَةِ التَّوْحِيد وإفراد الله تعالى بالعبادة والمحبة والتعظيم ؛ فَإِنَّ نِعْمَةَ التَّوْحِيدِ أَجَلُّ النَّعَمِ وأعلاها وأزكاها، وهي سيب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾


وَكَذَلِكَ نِعْمَةُ التوفيق إلى التمسك بسنة المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم. واتباع منهجه

فمن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا أنه

لا يُرى في بلادنا قبر يعبد، ولا ضريح مشيد ولا مظاهرات وثورات، ولا دعوات لشقُ عَصا الطَّاعَةِ

نسْأَلُ اللهَ أن يثَّبَتنا عَلَى التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ.


فَكَانَ لَنَا مِنْ ثِمَارِ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ - وللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنْةُ - مَا نَعِيشَهُ واقعاً مِنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَالسَّكِينَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِي هَذِهِ الْبِلادِ الْمُبَارَكَةِ، مُنْذُ أن قامت على دعوة التوحيد والسنة التي جدد الله بها ما اندرس من معالم الدين، بَعْدَمَا عَانَتْ أَحْقَابًا وَدُهُورًا مِنَ الشرك والبدع والْفُرْقَةِ وَالْفَوْضَى وَالْخَوْفِ وَالْفِتَنِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ.

فبفضل الله أولاً ثم بفضل ولاة وعلماء هذه الدعوة المباركة تَوَحدَتْ صُفُوفُنَا، وَاجْتَمَعَتْ كَلِمَتُنَا مع ولاة أمرنا،


فَاحْمَدُوا اللهَ عَلَى نِعْمَةِ التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ، ونعمة الأمن والإيمان وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَةِ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَوَحْدَةِ الصَّفٌ، وَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً وَصَفًا وَاحِدًا مَعَ وُلاةِ أَمْرِكُمْ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في غير معصية الله وَحِفْظِ أَمْنِ الْبِلادِ ، وَإِبْعَادِ كُلِّ شَرٍّ عَنْهَا ، وَاعْتَبِرُوا بِمَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْبِلادِ الَّتِي سَقَطَتْ حُكُومَاتُهَا أَوْ ضَعُفَتْ وَوَهَنَتْ فَتَسَلَّطَتْ عَلَيْهِمُ الدول الأخرى والْعِصَابَاتُ وَالْأَحْزَابُ وَالْفَصَائِلُ : تَزْهَقُ أَرْوَاحَهُمْ، وَتَسْلُبُ أَمْوَالَهُمْ، وتنتهك أعراضهم، وتستبيح حرماتهم، وتُشرِّدُهُمْ من ديارهم، وتمزقهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَتَفْعَلْ بِهِمُ الأفاعيل


نعوذ بالله مِنْ سلْبِ النَّعم، وحلول النقم، وتحول العافية وسوء الْعَاقِبَةِ، وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، والتوفيق لشكره وحسن القيام بحقه إنه سميع مجيب

 


الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعْمَةِ الأَمْنِ وَالدِّينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْؤُولِيَّةَ عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى دِينِنَا؛ لِيَدُومَ أَمْنُنَا واجتماعِ كلمتنا، وَانْدِحَارِ عَدُوِّنَا؛

فالنعم تدوم بالطاعات وتسلب بالذنوب والمخالفات.


أيها المسلمون: الزموا غرز علماء السنة الراسخين والتزموا الدعاء لولاة أمركم بالخير والصلاح والزموا طاعة الأمراء في غير معصية الله ولا تتبعوا أهل الأهواء والجماعات والأحزاب

فإن الذي أمرنا بطاعة ولاة الأمر اللهُ ورسولُه وبها يحصل الأمن والخير الوفير


وَعلينا الْوقُوفُ صَفًّا وَاحِدًا مَعَ علمائنا ووُلاةِ أَمْرِنَا فِي وَجْهِ كُلِّ مُتَرَبِّصٍ وَحَاقِدٍ. فقد أمرنا ربنا بذلك فقال تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾.

وَقَالَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بهِ شَيْئًا، وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثُرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».


اللهُمَّ وَفِّق إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشريفين وولي عهده، لما فيه عِزُّ الإِسْلامَ وَصَلاحُ الْمُسْلِمِينَ. اللهُمَّ وَفَقَهُ وَوَلِيُّ عَهْدِهِ وَإخْوَانَهُ وَأَعْوَانهِ لِمَا تُحِبُهُ وَتَرْضَاهُ. اللهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللهُمَّ إِنَّا نعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ.

 اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً. اللهم وفق شبابنا وأبنائنا وبناتنا لما فيه خير للإسلام والمسلمين.

‏اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان

‏اللهم ألطف بإخواننا المسلمين المستضعفين وارحم موتاهم واشف مرضاهم وآمن روعاتهم

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين