وماذا بعد رمضان

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،

ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا

من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

أما بعد، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


عباد الله.. لقد كنتم في شهر الخير والغفران، تصومون نهاره وتقومون ليله، وتتقربون إلى ربكم بأنواع القربات، طمعاً في ثوابه وخوفاً من عقابه، وذلك من فضل الله عليكم وإحسانه إليكم، ونسأله سبحانه بمنّه وكَرمه، أن يمن علينا بالقبول، وأن يعفو عن زللنا وتقصيرنا، إنه جواد كَريم.


عباد الله.. ها قد انتهت تلك الأيام الفاضلة في رمضان، وهكذا كل أيام العمر مراحل تقطعونها يوماً بعد يوم، في طريقكم إلى الدار الآخرة، ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾.

فاتقوا الله وراقبوه وأطيعوه ولا تعصوه تفلحوا في الدنيا والآخرة


معاشر المسلمين.. إن ذهاب شهر رمضان، لا يعني التساهلَ في الطاعات والقربات، أو التجرؤ على المعاصي والمنكرات، فإن رب رمضان هو رب الشهور كلها، وليس لعمل المسلم نهايةٌ إلا بالموت قال سبحانه: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ واليقين هو الموت،


ومن علامة قبول الحسنة فعل الحسنة بعدها، فالمؤمن لا يمل من التقرب بالطاعة إلى مولاه وطلب رضاه

وقد شرع الله لعباده أنواعاً من القربات طِوال العام، فحري بالمسلم أن يحرص عليها:

1- منها صلاة النافلة كقيام الليل والوتر والسنن الرواتب وصلاة الضحى وغيرها يقول الله عز وجل: ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾

2- وينبغي للمسلم أن يحرص على صوم النافلة أثناء العام كصيام الست من شوال وثلاثة أيام من كل شهر.

3- واحرص رعاك الله تعالى أن يكون لك ورد من كتاب الله تعالى، تقرؤه كل يوم، ولا أقل من أن تختم القرآن كل شهر مرة، وأحذر أن تكون من القوم الذين لا يعرفون قراءة القرآن إلا في رمضان.

وعلى المؤمن أن يحرص على بذل الصدقات عند الاستطاعة

4- وأن يحرص على سلامة الصدر من الغل والاحقاد وأن يستغل هذه الأيام بصلة الارحام والعفو والتسامح عمن اساء إليك من الأقارب أو الجيران أو الزملاء أو غيرهم

﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

فاللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين

 

الخطبة الثانية

‏الحمد لله ولي الصالحين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين

اما بعد

إخواني يلاحظ من بعض الناس هدانا الله وإياهم بعد رمضان التساهل في أداء الصلوات الخمس في المسجد وخاصة صلاة الفجر

 فالله الله يا إخوتاه اتقوا الله واخشوه وحافظوا على أداء الصلاة في المساجد فإن الخير العظيم والاجر الكبير في ذلك

واحذروا غاية الحذر من التخلف عنها أو التساهل في ذلك فإن التخلف عنها من أعظم أبواب الشر على العبد وهو تشبه بصفات المنافقين أعاذنا الله وإياكم من ذلك

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد همت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما - يعني من الأجر العظيم - لأتوهما ولو حبواً»

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سَرَّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وأنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف» رواه مسلم

فاللهم اهدنا الصراط المستقيم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ‏وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

اللهم ‏يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم أصلح ولاة أمرنا وولاة أمور المسلمين في كل مكان

اللهم أصلح احوالنا واحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم احقن دماء المسلمين

وانج ‏المستضعفين من المؤمنين في كل مكان

ومكن لأهل التوحيد والسنة في كل مكان

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين