هدي النبي عليه الصلاة والسلام مع الصغار


إِن الحَمْدَ الله نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِن شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمن سَيِّئَاتِ أَعمالنا، من يهدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

أيها الناس . . لقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام أكملَ الناس خلقا، وأحسنَهم معشرا، قد مدحه ربه فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ تجلَّت في سنته المحكمة وسيرته العطرة مظاهرَ الخلق العظيم، والإحسان إلى الناس كلهم. ومن ذلك معاملته مع الصغار  
فقد ضرب أروع الأمثلة في محبتهم وملاطفتهم والرفق بهم، بل وتعليمهم وتشجيعهم وحثهم على كل خلق حسن، وعمل صالح

فقد أردف يوما ابن عمه عبدَ الله بنَ عباس رضي الله عنهما، وكان آنذاك صغيرا، فقال له: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وفيه أنه ينبغي تعليم الصغير ما ينفعه من أساسات العقيدة، ولا يقلل من شأنه، بل يتعاهده في ذلك بكلام يفهمه، حتى يغرس فيه العقيدة الصحيحة

وعَنْ أبي قَتَادَةَ الأنصاري رضيَ الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلي وَهُوَ حَامِل أمَامَةَ بِنْتَ زَينبَ بِنْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لأبي الْعَاص ابْن الربيع بن عَبْدِ شَمس، فَإذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإذَا قَامَ حَمَلَهَا.

وعن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أبيه رضي الله عنه  قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس، حتى ظنوا أنه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، فقال: «إنَّ ابني قد ارْتَحَلني، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حتى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ». رواه النسائي.

وكان عليه الصلاة والسلام  رحيما بالصغار، ويخبر أصحابه رضي الله عنهم أن الرحمة بهم سبب لرحمة الله عز وجل، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي وعنده الأقرعُ بنُ حابس التميميُ جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «من لا يَرْحَمْ لا يُرحَمْ» متفق عليه.

ولما أرسلت إليه ابنته تخبره أن أبنها قد احتُضر جاءها فأخذه فأقعده في حجره ونفسه تقعقع - تضطرب - ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: «هذِهِ رحَمَةٌ جَعَلها الله في قُلُوبِ عِبَادهِ، وإنَّما يَرْحَمُ الله مِنْ عِبادِهِ الرحماء» متفق عليه.

وكان عليه الصلاة والسلام يخفف الصلاة إذا سمع بكاء الصبي رحمة لأمه وشفقة عليها وعليه، فعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنِّي لأقوم في الصلاة أُريد أن أُطوِّل فيها فأسمع بكاء الصّبيِّ؛ فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشقّ على أُمِّه» رواه البخاري.

وكان عليه الصلاة والسلام يحلم على الصغار حتى وإن أصابه شيء من أذاهم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بالصِّبيان فيبرِّك عليهم ويحنِّكهم، فأُتِي بصبيٍّ فبال عليه، فدعا بماءٍ فأتبعه بوله، ولم يغسله» متفق عليه.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين
 أما بعد، فاتقوا الله معاشر المسلمين وراقبوه وأطيعوا ربكم ولا تعصوه

عباد الله ومن هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام مع الصغار أنه كان يعطيهم حقوقهم من آداب الإسلام، فيسلم عليهم إذا مر بهم،

ومن هديه عليه الصلاة والسلام مع الصغار تأديبهم بشيء من العقوبات المناسبة لحالهم، كما قوله عليه الصلاة والسلام : «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أبو داود.
والمقصود ضربا غير مبرح، فهو ضرب تأديب لا تعذيب.
لكن لا يجوز ضرب الصغير الذي لا يعقل المراد من الضرب, لعدم انتفاعه بذلك.

ومما يُلحظ على بعض الآباء أنه إذا غضب على ولده دعا عليه, وربما صادف هذا الدعاء وقت إجابة فيحصل الفساد للولد بذلك, وهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نهى عن دعاء الوالد على ولده  فقال: «لَا تَدْعُوا على أَنْفُسِكُمْ ولا تَدْعُوا على أَوْلَادِكُمْ ولا تَدْعُوا على أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا من اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فيها عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» رواه مسلم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين
وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في الشام وفي كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا اللهم استر عوراتهم و آمن روعاتهم
اللهم احفظهم واحفظ لهم دينهم

اللهم عليك بأعداء الدين من اليهود والنصارى والمنافقين
اللهم اجعل كيدهم في نحورهم ومزقهم كل ممزق

‏اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا
‏واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى اللهم اجعل عملهم في رضاك وانصر بهم دينك

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

اللهم اغثنا

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين