الصدقة و فلسطين


إِن الحَمْدَ الله نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِن شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمن سَيِّئَاتِ أَعمالنا، من يهدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ، عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَارِ،او العباء (أي لابسيها قد خرقوها من جهة رؤوسهم). مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ. فَتَمَعَّرَ (أي تغير) وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ (أي الفقرِ الشَّديدِ) فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: ﴿يٰأَيُّهَا الَّذينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾،

ثم قال تَصَدَّقَ رَجُلٌ (وهذا خبَرٌ بمَعنى الأمرِ، أي: لِيَتصدَّقْ رجُلٌ حسَبَ استطاعتِه) مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حتى قال وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ. (وهو كِيسٌ مَربوطٌ فيه مِن الدَّراهمِ أو الدَّنانيرِ، عجَزَت يَدُه عن حَملِها؛ لثِقَلِها مِن كَثرةِ ما فيها)، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، (ومعناه: ظُهورُ البِشرِ في وَجْهِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم)
 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».

-والصدقة أجرها يضاعف أضعافًا كثيرة، قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾

-والصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه
وهي وقاية من النار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا النّار، ولو بشق تمرة».

-والصدقة تنمي المال وتزيده ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما نقصت صدقة من مال»

- والصدقة من أسباب دعاء الملائكة للمتصدق
وكان العطاء والصدقة أحب شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سروره وفرحه بما يعطيه ؛ أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه ، وللصدقة وفعل المعروف تأثيرا عجيبا في انشراح الصدر

فاللهم اجعلنا ممن ينفقون ابتغاء وجهك
أقول ما تسمعون
‏وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
 


الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وراقبوه وأطيعوه ولا تعصوه
يا إخوتاه لا يخفى عليكم ما أصاب إِخْوَانَنَا فِي فلسطين من الابتلاء والكرب العظيم والحاجة الشديدة

وقد قَالَ ﷺ: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَرِ» رَوَاهُ مُسْلِم.

وقد جاء التوجيه الكريم من إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله تعالى بِإِطْلَاقِ حَمْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ عَبْرَ مِنَصَّةٍ "سَاهِمْ" لِإِغَاثَةِ اَلشَّعْبِ اَلْفِلَسْطِينِيِّ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ، وهذا ليس بغريب على حكامنا أيدهم الله بالوقوف مع إخوانهم المسلمين في كل مكان

فأروا الله من أنفسكم خيرا وبادروا بالْمُسَاهَمَةُ فِي هَذِهِ الْحَمْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَاحْتِسَابِ الأجر العظيم عند الله الَّذِي يَنَالُهُ الْمُتَصَدِّقُ، وأكثروا من الدعاء بقلب حاضر لإخوانكم المستضعفين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين
وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في الشام وفي كل مكان اللهم اجعل لهم فرجا ومخرجا اللهم استر عوراتهم و آمن روعاتهم
اللهم احفظهم واحفظ لهم دينهم

اللهم عليك بأعداء الدين من اليهود والنصارى والمنافقين
اللهم اجعل كيدهم في نحورهم ومزقهم كل ممزق

‏اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا
‏واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى اللهم اجعل عملهم في رضاك وانصر بهم دينك

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

اللهم اغثنا

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين