سلامة الصدر

 

إن الحمد لله،نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوساً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة» فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه في يده الشمال،

 

فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى،


فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الأولى


فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم .

قام عبدالله بن عمرو بن العاص فتبع الرجل فقال: إني لا حيت أبي -أي صار بيني وبينه خصام - فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلتَ فقال الرجل : نعم.


قال أنس وكان عبدالله يحدّث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا،


فلما مضت الثلاث ليال، وكدت أن أحقر عمله

قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي أيُّ غضبٍ ولا هجر ولكن سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار : «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة» فطلعت أنت، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم؟

فقال: «ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق» رواه الإمام أحمد


يا عباد الله إن من أفضل الأعمال التي يحبها الله عز وجل ومن أعظم أسباب دخول الجنة سلامة الصدر، وبهذا  بلغ من بلغ لا بكثرة الاجتهاد في الصوم والصلاة

 قال ربنا جل وعلا ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

القلب السليم هو الذي سَلِمَ من كل شبهة تعارض خبر الله، ومن كل شهوة تُبعده عن الله، قال ابن القيم: «ولا يتم له سلامته مطلقًا؛ حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيدَ، وبدعة تخالف السُّنَّة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذِّكْر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص».


يا عباد الله سلامة الصدر أن يكون القلب نقيًّا من الغل والحسد والحقد على المسلمين، يعيش المسلم مع إخوانه بصفاء قلب، وطِيب نَفْسٍ، وحُسْن سريرة، لا يحمل لهم ضغينةً ولا كراهيةً

ممتثلا قول الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾

وممتثلا لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» رواه البخاري


سلامة الصدر أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه من الخير قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (متفق عليه).

فاللهم انا نسألك قلبا سليما ولسانا صادقا

بارك الله لي ولكم ….


الخطبة الثانية

الحمدلله ….

واشهد ان لا اله الا الله …..


عباد الله ما الأسباب التي تعين على سلامة الصدر ؟

إن من الأسباب المعينة على سلامة الصدر:

الإخلاص لله -جل وعلا-، والصدق معه،


ومنها الرضاء بالقدر وبما كتبه الله -جل وعلا- للعبد في هذه الحياة،


ومنها لزوم طاعة الله -جل وعلا-، والإكثار من تلاوة كتابه -سبحانه-،


ومنها أن  يجتهد  المسلم في مجاهدة النفس من الأدواء الخبيثة؛ كالغش والغل والحسد،

مع تذكُّر دائم لما تعود به تلك الأخلاق الخبيثة على الإنسان بالشر الوبيل في العاجل والآجِل،


ومنها أن يجتهد العبد بالدعاء الخالص الصادق أن يرزقه الله -جل وعلا- قلبا سليما، ولسانا صادقا،

مع عمل صادق ببذل كل ما يجلب المحبةَ والمودةَ ويدفع البغضَ والكراهيةَ من بذل للسلام وترك الإنسان ما لا يعنيه من أمور الخلق، والحرص على بذل العطية والهدية؛ فهي جالبة للمودة دافعة للكراهية،


ومنها أن يحرص المسلم على الدعاء للمسلمين جميعا، والعفو عند الإساءة وبذل الإحسان بشتى صوره ومختلف أشكاله، القولية والفعلية؛ مما يترتَّب عليه إدخالُ السرور على قلوب المسلمين؛ فالمسلم شأنُه الفرحُ بما يُفرِحُ المسلمينَ، والمشارَكة الفاعلة بما يواسيهم عند أحزانهم وهمومهم


‏اللهم أنا نسألك قلبا سليما ولسانا صادقا

اللهم اعز الاسلام والمسلمين ..

اللهم وفق امامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى اللهم خذ بنواصيهم للبر والتقوى اللهم أرزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق ‏وتعينهم عليه يا رب العالمين

‏اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان