فضل عشر ذي الحجة الجزء 2

الخطبة الاولى 
ان الحمد لله …..
(يا أيها الذين آمنوا ‏اتقو الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون)
اما بعد فإن خير الحديث ….

عباد الله ‏نحن في موسم عظيم ‏هو اشرف مواسم الطاعات وهي خير أيام السنة وأفضل مواسم التنافس في العبادة رزقنا أجمعين حُسن العمل فيها .

قال الله تعالى (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ والمراد بالليال العشر في قول ابن عباس وغير واحد من السلف : أي الأوَل من شهر ذي الحجّة ، وهي الأيام المعلومات التي ذكرها الله عز وجل معظمًا لها وذلك في قوله جل في علاه: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ)) يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟» قَالَ: ((وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)) رواه البخاري
. وروى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)) .

أيها المؤمنون: إنها أيام عظيمة وسرعان ما تنقضي ، لكن الموفَّق من عباد الله من يسارع لاغتنامها ويبادر للمنافسة فيها فلا يفوِّت على نفسه فضلها وشرفها ورفيع مكانتها ، فإنَّ الصلاةَ فيها ليست كالصلاة في غيرها ، والصدقةَ فيها ليست كالصدقة في غيرها ، وذكرَ الله جل وعلا فيها ليس كذكره في غيرها ؛ لما لها من عظيم الشرف ورفيع المكانة وأنها أحب أيام العمل الصالح إلى الله تبارك وتعالى .

عباد الله : ولهذا ينبغي على المؤمن الناصح لنفسه أن يعرف أولًا عظيم قدرها ورفيع مكانتها عند الله عز وجل ، ثم ثانيًا يتوكل على الله ويستمدُّ منه العون ويستمنح منه التوفيق جل في علاه أن يغنِّمه خيرات هذه العشر العظيمة وبركاتها الجسيمة ، ثم من بعد ذلك يجاهد نفسه مجاهدة تامة على اغتنامها وانتهاز فرصتها الثمينة والله جل في علاه يقول: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ 

واعلموا رحِمَكُمُ اللهُ أنَّ مِن أوجَبِ الواجِبَاتِ في هذهِ الأيامِ ،حَجَ بيتِ اللهِ الحَرِامِ ، لمَنْ اجتَمَعَتْ فيهِ شُرُوطُ الوُجُوبِ وتَيَسَرَ لهُ أداؤُهُ ، فإنَّ الحَجَّ رُكنٌ من أركَانِ الإسلامِ, والحج كله إعلان للتوحيد ونبذ للشرك 
وأول جملة ينطق بها الحاج حال دخوله النسك هي التلبية، والتلبية إعلان للتوحيد ونبذ للشرك؛ روى ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: "أَنَّ تَلْبِيَةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لك لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لك" 

وعلى من عَقدَ العزمَ على الحَجِ أن يُخْلِصَ نيَتَهُ للهِ تعالى, وأن يَحْرِصَ على الصُحْبَةِ الصَالِحَةِ، وأن يَتَعَلَّمَ من أحكَامِ الحَجِ والَمنَاسِكِ ما يَصِحُ بِهِ حَجُهُ، 
وتًتِمُ بِهِ عِبَادَتُهُ, وأن يَحرِصَ على أن تَكُونَ نَفَقَتُهُ في الحَجِ من كَسْبٍ حَلالٍ, وإذا حَطَ رِحَالَهُ في تلكَ البِقَاعِ الُمقَدَسَةِ فليحرصْ على استِغلالِ وقْتِهِ في ذِكْرِ اللهْ تعالى والدعاءِ والاستغفَارِ 
وأن يحرص على التوقي من ضربات الشمس 

تولانا الله عز وجل أجمعين بالتوفيق والتسديد والمعونة والهداية ، وأصلح لنا شأننا كله إنه سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل .


الخطبة الثانية 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد
من الاعمال الصالحة العظيمة في هذه الايام
الصيام وقد خصّ النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [رواه مسلم

ويستحب للمسلم أن يَجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به ويجتهد أيضا في  الأعمال الصالحة التي يحبها الله عز وجل

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه في قوله (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)  وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين
وعن الصحابة اجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللّهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين ، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كُن لهم ناصرًا ومُعينا وحافظًا ومؤيدا ، اللهم احفظ حدودنا وآمن جنودنا وأيِّدهم بتأييدك يا رب العالمين . اللّهمّ آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمّتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين . اللّهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده  لهداك ، واجعل عملهما في رضاك ،
اللّهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين