نعيم الجنة

إن الحمد لله…

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عباد الله: إن الله خلق الخلق ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وابتلاهم بهذه الحياة بشهواتها وأهوائها وزينتها ليختبر إيمانهم، وصدق طاعتهم لربهم، قال -تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾.

وأعَدّ -جل وعلا- لمن صبر على توحيده وطاعته وابتعد عن الشرك والمحرمات  جنة عرضها السماوات والأرض، ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ﴾

أرأيتم ما في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملذات والنعيم والشهوات والقصور  والبساتين والجنات والأنهار والمآكل والمشارب وغيرها

فإن نبيكم -صلى الله عليه وسلم-أخبركم عن وعد ربكم فقال: «قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ». قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.

وقال سبحانه: ﴿ مَّثَلُ الجَنَّةِ الَتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الكَافِرِينَ النَّارُ ﴾.

وقال سبحانه ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾.

لهم فيها أزواج مطهرة من كل عيب ودنس، خيرات الأخلاق، حسان الوجوه، قاصرات الطرف، مقصورات في الخيام، كأنهن الياقوت والمرجان

وأما أعظم نعيم لأهل الجنة،

فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيَقولونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيَكْشِفُ الحِجابَ، فَما أُعْطُوا شيئًا أحَبَّ إليهِم مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ»

ثُمَّ تَلا هذِه الآيَةَ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَةٌ﴾.

فاللهم إنا نسألك الجنة

‏وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين 

وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الهادي الأمين

أما بعد: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾.

قال ابن رجب: (فما عيبت الدُّنْيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها وهو أدلُّ دليل على انقضائها وزوالها فتتبدل صحَّتها بالسَّقم ووجودها بالعدم وشبيبتها بالهرم ونعيمها بالبؤس وحياتها بالموت فتفارق الأجسام النُّفوس وعمارتها بالخراب واجتماعها بفرقة الأحباب وكلُّ ما فوق التُّراب تراب)

أما الجنة فهي الدار الباقية والنعيم الدائم الذي لا يزول

فإذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: "إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا"

واعلموا أن الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات فاصبروا على توحيد ربكم وطاعته، واجتنبوا الشرك والمعاصي  تفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين..

فاللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك يا ارحم الراحمين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

‏اللهم احفظ علينا الأمن والإيمان

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين

اللهم احفظنا واحفظ شبابنا ونساءنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين وافساد المفسدين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

(ارفع يديك )

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا 

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين