الغيبة والنميمة

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾،  ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.  

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عباد الله .. لقد أنعم الله على كثير من الناس بنعمة اللسان ، فبه يتحدثون ، ويعبرون عما يريدون ، لا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ، أو أبصر حال من فقدها ، وإن من شكر الله تعالى على نعمة اللسان ، أن يسخر في طاعة الله ، وأن يحفظ عما يغضب الله عز وجل

ألا وإن من آفات اللسان العظيمة مرضان خطيران يوقعان بين الناس العداوة والبغضاء، ويقطعان الأرحام، ويوغران الصدور، ويعكران صفو النفوس. صاحبهما مهموم محزون مأخوذ من حسناته، حامل لسيئات غيره

إنهما الغيبة والنميمة

أما الغيبة فقد بينَّ النبي صلى الله عليه وسلم حقيقتها فقال: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا الله ورسوله أعلم. قال : «ذكرك أخاك بما يكره» قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» رواه مسلم

وسواء ذكرته بعيب في بدنه أو نسبه ، أو في خُلُقة أو كلامه ، أو في دينه أو دنياه ، كمن يقول في غيبة أخيه: فلان قصير أو وضيع النسب ، أو بخيل أو متكبر أو جبان ، أو متهاون بالصلاة ، أو عاق لوالديه ،حتى لو تكلم في لباسه و مركبه وداره بما يكره ، كل ذلك من الغيبة

وأما النميمة فهِيَ نَقْلُ اَلْحَدِيثِ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، أَوْ مِنْ إِنْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ آخَرَ بقصد اَلْإِفْسَادِ وإيقاع العداوة بينهم.

والغيبة والنميمة من كبائر الذنوب قال تعالى: ﴿وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾.

وقَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ».

ومَرَّ اَلرَّسُولُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ».

ولقد بَيَّنَ لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطر الغيبة والنميمة وإثمهما وسوء عاقبة أصحابهما، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفار من نُحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟! قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم».

عباد الله ومن أشد أنواع الغيبة غيبة الأمراء والعلماء

أقصد علماء أهل السنة والجماعة  لأن بها ضياع الدنيا والدين

فاللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان وردنا وإياهم إلى دبنك ردا جميلا

اقول ما تسمعون ….

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين 

وأشهد ان لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد ان محمدا عبده ورسوله الهادي الأمين

عباد الله اتقوا الله وأطيعوه

وعظموا امره ولا تعصوه

واعلموا أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه، واعلم -أخي المسلم- أن من نَمَّ لك نَمَّ عليك، ومن نقل لك خبر سوء سينقل عنك مثله

والواجب لمن سمع غيبة أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم يستطع فليفارق ذلك المجلس، قال ابن المبارك -رحمه الله-: (فر من المغتاب فرارك من الأسد).

عباد الله، وإن مما يجب الإشارة إليه والتنبيه عليه ما ذكره أهل العلم من جواز بل وجوب النصح لدين الله، والنصح لخلق الله من إباحة الغيبة لغرض شرعي صحيح لا يمكن الوصول إليه إلا بها: كالتظلم، والاستعانة لتغيير منكر، والاستفتاء، والمشورة، والرد على المبتدعة، وجرح الرواة وغير ذلك.

ففي صحيح مسلم أن امرأة وهي فاطمة بنت قيس ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن فلاناً وفلانا خطباها، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أما فلان فصعلوك لا مال له. انكحي فلاناً».

فالنصيحة واجبة لكل مسلم، ومعلوم الفرق بينها وبين الغيبة المحرمة.

قال الحسن -رحمه الله-: (ليس لأهل البدع غيبة).

فالتحذير من الفرق الضالة، والأحزاب المخالفة لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليست من الغيبة، بل هي من النصيحة الواجبة وهي مربوطة بأهل العلم و البصيرة.

اللهم اعز الإسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

‏اللهم احفظ علينا الأمن والإيمان اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين

اللهم احفظنا واحفظ شبابنا ونساءنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين وافساد المفسدين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا 

اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين