أضرار المخدرات

إن الحمد لله..

عباد الله، لقد كرّم الله الإنسانَ بكرامات كثيرة من أعظمها هذا العقل، الذي جعله الله مناطَ التكليف، وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن والسنة،.

فبهذا العقل تَميّزَ الإنسان وتكرّم، وترقّى في شأنه وتعلّم، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]. جعل اللهُ العقلَ ضرورةً كبرى،وشرع من الشرائع ما يكون حماية له

، فبالعقل يُميّزُ الإنسان بين الخير والشرّ والنفع والضُرّ - بعد الوحي -، وبه يتبيّنُ أوامرَ الشرع؛ ويعرفُ الخطابَ ويردُّ الجواب؛ ويسعى في مصالحه الدينيّة والدنيويّة، فإذا أزال الإنسانُ عقلَه لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضلّ منها، ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾.

إخوة الإسلام، إنّ من أعظم الآفات على المجتمعات اليوم هذه المسكراتِ والمخدّرات، فهي أمّ الخبائث وأمّ الكبائر وأصل الشرور والمصائب، شتَّتِ الأسَر، وهتكتِ الأعراض، وتسبّبت في السرقات، وجرّأت على القتل، وأنتجت كلّ بليّةٍ ورذيلة، وأخذت بأصحابها إلى السجون، وأودت بكثير من أصحابها إلى الانتحار، قد أجمع على ذمّها العقلاء منذ عهد الجاهليّة، وترفّع عنها النبلاء من قَبْلِ الإسلام، فلمّا جاء الإسلام ذمّها وحرّمها ولعنها ولعن شاربَها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولةَ إليه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91]. بيّن الله تعالى مفاسدَ الخمر، وأنها رجسٌ ونَجَس، وأنها توقع العداوةَ والبغضاء، وتصدُّ عن الصلاة وذكر الله، وأنها سببٌ لعدم الفلاح. هذه الآيات هي الآيات الفاصلة بتحريم الخمر، في نهايتها ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ﴾؛ لما نزلت قال من كان يشرب الخمر من الصحابة رضي الله عنهم: انتهينا انتهينا.

 أيها الإخوة، إنّ الخمر هو كلّ ما خامر العقلَ وغطّاه؛ مهما كان نوعُه وأيًّا كان اسمُه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلّ خمرٍ حرامٌ»

عبادَ الله، وإن المخدّراتِ بأنواعها أشدُّ شرًّا من الخمور، فهي تفسد العقل، وتدمّر الجسد، وتُذهب المالَ، وتقتُل الغيرةَ، فهي تشارك الخمر في الإسكار؛ وتزيد عليها في كثرة الأضرار والآثار المدمِّرة.

المخدّراتُ تفسد العقلَ وتقطع النسل وتورث الجنون وتجلب الوساوس والهموم وأمراضًا عقليّة وعضويّة مستعصية، وأمراضا نفسية محيِّرة، وتجعل صاحبَها حيوانًا هائجًا ليس له صاحب، وتُرديه في أَسوَأ المهالك، مع ما تورثه من قلّة الغيرة وزوال الحميّة.

ومن أخطرِ أنواعِ المخدراتِ المستحدثة هذه الأيام من أعداء الدين مادة الشبوِ وذلك أنَّ جُرعة واحدة أو اثنتينِ من الشبوِ تكفي لجعلِ متعاطيها غارقًا في مستنقع الإدمان.

كما يرتبط تعاطي هذا المخدر بجرائم الاغتصاب والقتل والانتحار ، لكونه مدمراً لجميع أجهزة جسم الإنسان ، وعلى رأسها الخلايا العصبية.

وكثيرا ما تفكّكتِ أسَرٌ من أَثَرِها، وتفشّتِ الجرائم بسببها، وأعظم آثارها فَقدُ الدين وضياعُ الإيمان، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن»..

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم

 

الخطبة الثانية

الحمد لله

يا شباب الإسلام احذروا من الخمور و المخدرات بجميع أنواعها واحذروا الأسباب المؤدية إليها ومن ذلك ضعف التوحيد والإيمان  والبعد عن الله وعن مراقبته وخشيته ، والإيمان باطلاعه على عبده في السر والعلن، ومن أسباب الوقوع في المخدرات ؛ التقصير في المحافظة على الصلاة فقد قال تعالى ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾.

ومن أعظم الأسباب مجالسة أصدقاء السوء فكم أفسدوا من الشباب.

ومن أسباب الوقوع فيها: الرغبة في الهروب من الواقع، وتوهم المتعاطي أنها حل للمشكلات، التي قد يواجهها في حياته، كفشله في دراسته، أو عدم قدرته على  العثور على وظيفة، أو أسباب نفسية كالهم والقلق، فيظن أن تعاطي المخدرات سبب لدفع همومه ونسيان واقعه.

ولا يعلم أنها من أعظم أسباب ضياع دنياه وآخرته

اللهم أصلح شبابنا وشباب المسلمين ووفقهم للصحبة الصالحة