إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ .  

أما بعد:، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عباد الله: إن من خصائص هذا الدين وعظمته وشموله أنه جاء بآداب عظيمة وأخلاق فاضلة ينضبط بها المسلم في كل زمان ومكان، في بره وبحره وجوه وعلى سائر أحواله.

(عن شُرَيحُ بنُ هانِئٍ قال : قُلتُ لعائشةَ رضي الله عنها : هل كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبْدو؟ قالت: نَعَمْ، كان يَبْدو إلى هذه التِّلاعِ)

(يبدو): أي يخرج إلى البادية لحصول الخلوة وغيرها

والتلاع قيلَ : المُرادُ بها مجاري الماء من أعلى الأرض إلى بطون الأودية

قال ابن رجب: فيه الرخصة للخروج إلى البادية أحيانا في أوقات الربيع.

وفي هذه الأيام تكثر رحلات الناس إلى البرِّية والنزهة،

وهي فرصة للتفكر والتأمل في آيات الله الكونية كالسماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار والنجوم والأفلاك

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾

وهناك بعض الآداب والأحكام  المتعلقة بالتنزه والرحلات فينبغي أن نعرف بعضا منها :

ومن ذلك : ذكر دعاء النزول في المنزل، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لم يضره شيء حتى يرتحل من مكانه".

ومنها الأذان في وقت الصلاة، وأداؤها جماعة، وعدم التساهل في ذلك، وإذا كانت المسافة مسافة قصر فلهم الجمع والقصر حتى ولو كانوا في خيمة، أو على شاطئ، ما داموا بعيدين عن المساجد، ومدة إقامتهم أربعة أيام فأقل.

وللمسلم المسافر أن يمسح على خفيه ثلاثة أيام بلياليها، ما دامت إقامته في سفره أربعة أيام فأقل.

ومن آداب الرحلات الحرص على أداء صلاة الفجر في وقتها و عدم السهر الذي يؤدي إلى ضياع وقتها

ومنها الصلاة بالنعال، وهذه سنة ينبغي للمسلم أن يحييها، إذا كان في البر فيصلي بنعاله؛ لأنه لا يمكن ذلك داخل المساجد.

ومن الآداب نظافة المكان والحرص عليه..

ومنها عدم أذية الناس برفع الأصوات وإزعاج الآخرين، وكذلك عدم استماع المحرمات واستعمالها كالغناء وغيره

ومن ذلك عدم قضاء الحاجة في أماكن جلوس الناس كظلال الأشجار أو الطرقات المرتادة ونحوها فقد قَالَ ﷺ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» .

ومن الآداب إِزَالَةِ مَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي طُرُقَاتِهِمْ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام : «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ؛ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ»،

ومن الآداب أيضا: التنبه إلى إطفاء النار ليلا لمن أراد النوم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنَ ذلك : الْحَذَرُ مِنَ «النُّزُولِ أَوِ الْمَبِيتِ فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ»، أَوْ قَطْعِهَا بِالسَّيَّارَةِ أَثْنَاءَ نُزُولِ الْأَمْطَارِ وجَرَيَانِ الْمِيَاهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْرِيضِ النَّفْسِ وَالْمَالِ لِلْهَلَكَةِ.

وَمِنَ ذلك : «النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانَاتِ» مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُوجِبٍ لِلْقَتْلِ، أَوْ «قَتْلِ الْحَشَرَاتِ وَالزَّوَاحِفِ فِي النَّارِ»، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ.

وَ ينبغي عَدَمُ إِفْسَادِ النَّبَاتِ، أَوْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ وَالْاِعْتِدَاءِ عَلَيْهَا، وَعَدَمُ إِشْعَالِ النَّارِ إِلَّا فِي الْأَمَاكِنِ الْمَسْمُوحِ بِهَا، وَالْحِرْصُ عَلَى إِطْفَائِهَا قَبْلَ مُغَادِرِةِ اُلْمَكَانِ، وَمُرَاعَاةُ الْأَنْظِمَةِ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَالَّتِي تُحَقِّقُ الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ لِلْجَمِيعِ.

اقول ما تسمعون ..

الخطبة الثانية:

الحمد لله …

أما بعد فاتقوا الله عباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

وتأدبوا بالآداب الشرعية واحرصوا على اتباع السنة تفلحوا في الدنيا والآخرة

اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين في كل مكان ‏وردنا وإياهم إلى دينك ردا جميلا

اللهم اعز الاسلام والمسلمين

‏وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين

‏اللهم احفظ علينا الأمن والإيمان

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين

اللهم احفظنا واحفظ شبابنا ونساءنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين وافساد المفسدين من المهربين والمروجين وغيرهم

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والربا والزنا والزلازل والمحن

ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين

(ارفع يديك)

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا 

اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين

‏اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق

‏اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعواتنا الحمد لله رب العالمين