إنه الفاروق رضي الله عنه

إن الحمد لله ...

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عباد الله: إن أفضلَ الخلقِ بعد الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام  أصحابُ نبيِنا عليه الصلاة والسلام

لما لهم من الفضائلِ العظيمة والسبقِ إلى الإسلام ونشرِ الدين والدفاعِ عنه رضي الله عنهم وأرضاهم

وأفضلُ الصحابةِ أبو بكر الصديق رضي الله عنه

ثم الفاروقُ رضي الله عنه

فمن هو الفاروق؟

 هو أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بنُ  الْخَطَّابِ -بْنِ نُفَيْلٍ من بَنِي عُدَيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ بْنِ غَالِبٍ الْقُرَشِيِّ رضي الله عنه

ثاني الخلفاءِ الراشدين المهديين الذين أُمرنا باتباعهم

مِنَ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ

وازْدَادَ الْإِسْلَامُ عِزًّا بَعْدَ إِسْلَامِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ؛ بِأَبِي جَهْلٍ، أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ»، فَكَانَ أَحبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ

وله فضائل عظيمة في الإسلام قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» أَخْرَجَهُ الْتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيْح

وقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: (وَافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ؛ في مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وفي الحِجَابِ، وفي أُسَارَى بَدْرٍ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

كان ملازمَا لرسولِ الله في حلِه وترحاله،

صاحبُ بذل وإنفاق، فقد تصدق يوما بنصف ماله

إنه الفاروق رضي الله عنه

بَشَّرَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّهَادَةِ حيث : «صَعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أوْ شَهِيدَانِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وقال فيه: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك». متفق عليه

تَوَلَّى ِالْخِلَافَةَ بَعْدَ الْصِدِّيق؛ حيث أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ بَعْدِهِ بِالْخِلَافَةِ لِعُمَرَ، نصحا للأمة فإنه كان خير الخلق بعده  وَكَانَ نِعْمَ الِاخْتِيَارُ.

وَكَانَ عمر الفاروق  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَلِيفَةً عَادِلًا،

أقام العدل بين الرعية، وسعى لمصالحهم، رعاية لأحوالهم، ورفقًا بهم،

وحرصا على دينهم فكتب إلى عماله: (إنَّ أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حافظ عليها وحفظها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة).

إنه الفاروق رضي الله عنه

من أحرص الناس على حِفْظِ التوحيد والسنة وكَلِمةِ المسلمين، فقد جمع الناس في التراويح على إمام واحد، وأمر بقطع شجرةِ بيعةِ الرضوان، لخوفه على الناس من الفتنة والوقوع في البدع والشرك، ولذا صدق قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر» (رواه الترمذي)

مُحبٌّ لرعيته، قاضٍ لحاجاتهم، خرج يومًا ومعه الناس، فمر بعجوز فاستوقفته، فوقف لها، فجعل يُحدثها وتحدثه، فقال رجل: يا أمير المؤمنين! حَبَسْت الناس على هذه العجوز، قال: وَيْحك تدري من هذه؟ هذه امرأةٌ سمع الله شكواها من فوق سبع سموات.

 فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِصْرَ وَالْعِرَاقَ وَبِلادَ فَارِس؛ وَفِي عَهْدِهِ فُتِحَتْ دِمَشْقُ وَبَقِيَّةُ بِلَادِ الشَّامِ، وَغَيْرُها

عباد الله ومع كل ما ذُكر عن الفاروق رضي الله عنه من الفضائل إلا أنه كان يخاف على نفسه النفاق، فقال لحذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- صاحبِ سرِّ رسول الله: (يا حذيفة! أنشدك الله، هل سماني رسول الله؟ -يعني في المنافقين- فيقول: لا، ولا أزكي بعدك أحدًا).

فاللهم ارزقنا محبة نبيك  وأصحابه واتباعهم أقول ما تسمعون ….

 

الخطبة الثانية

الحمد لله …

أمَّا بَعْدُ.... فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى.

وبعد خلافةٍ راشدة دامت أكثر من عشر سنين كان يدعو: (اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ). قالت ابنته حفصة -رضي الله عنها- وأنّى ذلك؟ قال: إن الله يأتي بأمره إن شاء.

وعِنْدَمَا كَانَ يَؤُمُّ المُسْلِمِيْنَ فِيْ صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللهِ أَبُوْ لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوْسِيُّ. وَكَانَتْ فَاجِعَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَمُصِيْبَةٌ كَبِيْرَةٌ حَلَّتْ بالمسلمين.

- فصلى بالناس عبدُ الرحمن بنُ عوف -رضي الله عنه- صلاةً خفيفة، وقال عمر لابن عباس: "انظر من قتلني، فجال ساعة، ثم جاء، فقال: غلام المغيرة، قال الصَّنَع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرتُ به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يَدَّعي الإسلام".

ودخل المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ على عمرَ بنِ الخطابِ من الليلةِ التي طُعِنَ فيها فأَيْقَظَ عمرَ لصلاةِ الصبحِ فقال عمرُ نعم ولا حَظَّ في الإسلامِ لمن تركَ الصلاةَ فصلَّى عمرُ وجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا.

وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صُحْبةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقَدَمٍ في الإسلام، ثم وَلِيْتَ فَعدَلت، ثم شَهادة قال: ودِدْتُّ أن ذلك كفافًا لا عليَّ ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال: ردوا عليَّ الغلام، قال له يا ابن أخي! ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك.

وأمر ابنَه عبدَ الله أن ينطلق إلى عائشةَ أمِّ المؤمنين -رضي الله عنها- فقل: يقرأ عليك عمرُ السلام، ولا تقل أميرُ المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل يستأذنُ عمرُ بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلَّم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يَقْرأ عليك عمرُ بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحِبَيْه.

فقالت: كنتُ أريده لنفسي، ولأوثرنّ به اليوم على نفسي،

فلما أقبلَ قيل: هذا عبدُ الله بنُ عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسندَه رجلٌ إليه فقال: ما لديك؟ قال الذي تحبُ يا أميرَ المؤمنين، أَذِنت، قال الحمدُ لله، ما كان من شيء أهمُّ إليَّ من ذلك، فإذا أنا قضيت، فاحملوني، ثم سلِّم، فقل: يستأذن عمرُ بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين.

فدفن رضي الله عنه مع صاحبيه

فاللهم ارض عن أصحاب نبينا

وارزقنا  محبة نبيك ومحبتهم واتباع نبيك واتباعهم  يا ارحم الراحمين

اللهم اعز الإسلام والمسلمين

‏اللهم عليك بأعداء الدين