التحذير من بدعة المولد

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليمًا كثيرًا.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

عباد الله ‏قال نبينا صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

‏وإن  أعظم ما يدل على صدقك في  محبة النبي صلى الله عليه وسلم طاعته باتباع هدية وتعظيم  سنته والدفاع عنها، والتحذير من مخالفة أمره والإحداث في الدين 

 قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.

قالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾.

ولقد ذمَّ  الله من شرع في الدين ما لم يأذن به الله: فقال سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾

يا عباد الله

لقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام  و أصحابه وسلفكم الصالح يشتدون ويحذرون غاية التحذير من البدعِ والمحدثاتِ صغيرِها وكبيرِها

فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».

وقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهُو رَدٌّ» متفقٌ عَلَيهِ.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (اتَّبِعُوا ولا تَبْتَدِعُوا فَقَد كُفِيتُم)، 

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: (كلُّ بدعةٍ ضَلالةٌ، وإِنْ رَآَهَا النَّاسُ حَسَنةً).

وقال الإمام مالك رحمه الله: (مَن ابتدعَ في الإسلامِ بدعةً يراها حسنةً، فقد زعمَ أن محمدًا خَانَ الرسالة؛ لأَنَّ الله يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾.

عباد الله لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم مِن الغلو فيه، ورفعه فوق منزلته، وصرف العبادة له كما فعلت النصارى مع عيسى بن مريم -عليه السلام-، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» رواه البخاري.

وإنَّ مما ابتليت به هذه الأمة مِن مظاهر الغلو والانحراف في حبه صلى الله عليه وسلم؛ بدعة الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، التي أحدثها الفاطميون العبيديون الرافضة؛ بعدما خلت القرون المفضلة، وهي بدعة منكَرة، ومخالفة صريحة لمقتضى محبته صلى الله عليه وسلم. 

فهذا الاحتفال بدعة منكرة، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بيوم ميلاده في حياته، ولم يأمر بفعله بعد مماته، وكذلك الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعون لهم بإحسان لم يفعلوا هذا الاحتفال.

وهم أعلم الناس بالسُّنَّة، وأكمل حبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتابعة لشرعه، ممن جاء بعدهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.

فاللهم ارزقنا محبة نبينا واتباع سنته والاقتداء بهديه يا أرحم الراحمين

 

الخطبة الثانية 

الحمد لله رب العالمين...

يا عباد الله إن  خطر البدعة عظيم 

فإنها تبدأ صغيرة ثم تكبر وهي تهدم الدين وهي من أسباب تفرق الأمة وسفك الدماء وفيها تشويه لصورة الإسلام، والبدع وسيلة إلى الشرك، ألم تروا إلى ‏كثير ممن يحتفلون بالمولد النبوي ‏بالطبول والرقص كيف  وصل بهم الأمر إلى الغلو ‏في النبي صلى الله عليه وسلم. 

فأنشدوا القصائد ‏التي تحتوي على الشرك الأكبر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله وادعاء أنه يعلم الغيب وغير ذلك من مظاهر الغلو التي نهى عنها نبينا صلى الله عليه وسلم‏.

‏‏فيا عباد الله تعلموا دينكم 

واحذروا من البدع صغيرها وكبيرها وحذروا الناس منها

‏وأكثروا من الدعاء بالثبات على الدين 

فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

‏ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

اللهم أعز الإسلام والمسلمين