فتنة الدجال
إن الحمد لله…
وأشهد أن لا إله إلا الله …..
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾
أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة
يا عباد الله إن بين يدي الساعة أشراط وعلامات كبرى تكون قريبا منها ، ومن أعظمها فتنة عظيمة
حذرنا منها نبينا صلى الله عليه وسلم، وأمرنا بالاستعاذة منها، إنها أعظم فتنة منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، تلكم يا عباد الله هي فتنة المسيح الدجال، الذي يخرج في آخر الزمان، فيدَّعِي أنه ربُّ العالمين، ويُفتنُ به العبادُ بما يخلُقُه الله معه من الخوارِق.
فيفتن الناس في دينهم، ولا يثبت منهم على دينه ويُعصم من فتنته إلا من ثبته الله تعالى.
سمي المسيح لأنه عينه اليمنى ممسوحة كأنها عنبةٌ طافيةٌ فهو أعور وقيل لأنه يمسح الدنيا، ويمر بالأرض
وسمي الدجال؛ لكثرة كذبه، فهو أكذب الناس، وأكفر الناس -نعوذ بالله-
مكتوبٌ بين عينيه "كافر" كاف وفاء وراء، يقرأه كلُّ مؤمنٍ، كاتب وغير كاتب، قال عليه الصلاة والسلام : «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذر به أمته»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إني لأُنذِركمُوه». رواه البخاري.
والدجَّال حيٌّ الآن في جزيرةٍ من جُزر البحر، مُقيَّدٌ بوَثَاقٍ شديد، يداه مجموعةٌ إلى عُنقِه ما بين رُكبتَيْه إلى كعبَيْه بالحديد، وخروجُه قد دنا، قال عن نفسه: «وإني أُوشِك أن يُؤذَن لي في الخروج». رواه مسلم.
وهو أكبرُ خلقٍ في هذه الدنيا، قال -عليه الصلاة والسلام: «ما بين خلقِ آدم إلى قيام الساعة خلقٌ أكبرُ من الدجَّال». رواه مسلم.
وقال -عليه الصلاة والسلام: «سأقولُ لكم فيه قولاً لم يقُلْه نبيٌّ لقومِه، تعلَمون أنه أعوَر، وأن الله ليس بأعوَر». رواه البخاري.
ويكون خروجُه في حالِ خفةٍ من الدين وإدبارٍ من العلم؛ يخرج في حال يكون الناس فيها قد خف دينهم وكثرت معاصيهم، وأدبر عنهم العلم النافع، وفشى فيهم الجهل بأحكام الشريعة.
وأولُ مخرَجه من حيٍّ يُقال له: "اليهودية" في مدينة أصبهان من أرض خُراسان، يخرُج ومعه سبعُون ألفًا من يهودِها، وله حرسٌ وأعوانٌ.
يأخذ البلاد بلداً بلداً، وحصناً حصناً، وإقليماً إقليماً، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة
وإذا خرجَ فرَّ الناسُ في الجِبال فزعًا منه، وحينَها يُغلَقُ بابُ التوبة، قال -عليه الصلاة والسلام: «ثلاثٌ إذا خرجنَ لا ينفعُ نفسًا إيمانُها لم تكُن آمنَت من قبلُ أو كسبَت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربِها، والدجَّال، ودابَّةُ الأرض». رواه مسلم.
ومن حكمة الله عز وجل أن جعل له خوارق عظيمة ابتلاء وامتحانا للخلق فتكون فتنة لهم
ومن ذلك : أن يقتُل الرجلَ ثم يُحيِيه بإذن الله.
ومن فتنته أن معه نهران يجرِيان، أحدهما: رأي العين ماءٌ أبيض، والآخر رأي العين نارٌ تأجَّج، قال -عليه الصلاة والسلام: «فإما أدركنَّ أحدٌ فليأتِ النهرَ الذي يراه نارًا، وليُغمِّض ثم ليُطأطِئ رأسَه فيشربَ منه؛ فإنه ماءٌ بارِد». رواه مسلم.
ومن فتنته أنه يأمرُ السماءَ أن تُمطِر فتُمطِر، والأرض أن تُنبِت فتُنبِت، ويمرُّ بالخرِبة فيقول لها: أخرِجي كنوزَكِ، فتتبَعُه كنوزُها.
ومشيُه في الأرض سريع: «كالغَيث استدبَرَته الرِّيح».
ويلبَثُ في الأرض أربعين يومًا؛ يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كأسبوعٍ، وبقيَّةُ أيامِه كأيامِنا
يعيثُ في الأرض فسادًا، ويطأ الأرضَ، فيفتتن به خلق كثير ويتبعونه لعظم فتنته، ويحمي الله منه مَن يشاء من عباده جلَّ وعلا.
فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق حتى يدرك الدجال بباب (لد) فيقتله ويريح الناس من فتنته ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ..
فاللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال
عباد الله ولئن كان أمرُ الدجَّال كبيرًا إلا أن الله سبحانه وتعالى هيأ أسبابا للعِصمة منه والنجاة من فتنته ومن ذلك:
العلمُ الشرعيُّ بمعرفة أسماء الله وصفاتِه؛ فالدجَّال أعورُ، وربُّنا -سبحانه- ليس بأعوَر، والله لا يراه أحدٌ في الدنيا، والدجَّال يراه الناس، والدجَّال مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ يقرؤه كل قارئٍ وغير قارئٍ.
ومن ذلك الفِرارُ من الفتن والابتِعادُ عنها عصمةٌ منها بإذن الله، قال -عليه الصلاة والسلام: «من سمِع بالدجَّال فليَنْأَ عنه -أي: ليهرُب-؛ فوالله إن الرجلَ ليأتيه وهو يحسبُ أنه مؤمنٌ فيتَّبِعه مما يبعثُ به من الشُّبُهات، أو لما يبعثُ به من الشُّبُهات». رواه أبو داود.
والتمسُّك بالدين فيه النجاة من الدجَّال؛فإن أتباعَه غيرُ المؤمنين.
والإكثارُ من الدعاء بالتعوُّذ منه حرزٌ وأمانٌ، قال -عليه الصلاة والسلام: «إذا تشهَّد أحدُكم -أي: في الصلاة- فليستعِذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجَّال». رواه مسلم.
والقرآنُ الكريمُ أصلُ العِصمة من كل فتنةٍ، قال -عليه الصلاة والسلام: «فمن أدركَه منكم فليقرَأ عليه فواتِح سورة الكَهف». رواه مسلم.
فاللهم أننا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بك من فتنة المسيح الدجال..
اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحقِّ وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين
الخطيب : مشعل حمد الشامري
الدولة : السعودية
المدينة : الرياض
اسم الجامع : شيخ الإسلام ابن تيمية
تاريخ الخطبة : 04-03-1444
تاريخ الإضافة : 05-03-1444
تصنيف الخطبة : الخطب
- استغلال الاجازة ونجاح الحج
- أتاكم يوم عرفة
- فضل عشر ذي الحجة
- التوحيد في الحج
- حديث قدسي عظيم (يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي)
- حكم الحج وفضائله
- فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه
- نعمة التوحيد والأمن
- قصة سبأ
- وماذا بعد رمضان
- خطبة عيد الفطر 1445 (نعمة الإسلام والسنة)
- خطبة آخر جمعة من رمضان
- الزكاة
- فضل العشر الأواخر من رمضان
- آخر رجل من أهل الجنة
- شهر رجب
- شهر شعبان
- آداب التنزه والرحلات.
- هم الرزق
- دروس وعبر من قصة ابوسفيان وهرقل
- فتح تستر و صلاة الفجر
- خطبة الاستسقاء
- قسوة القلب
- استقبال رمضان
- أول رمضان
- أحكام متعلقة بالكفار ( تهنئتهم باعيادهم والتشبه بهم )
- خطر الشائعات
- موقف الصديق بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام
- خطبة النزاهة والأمانة والمحافظة على المال العام