الإيمان بالملائكة

إن الحمد لله…

وأشهد أن لا إله إلا الله …..

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عباد الله .. إن من أصول الاعتقاد التي لا يصح إيمان عبد إلا بها الإيمانَ بالملائكة الكرام عليهم السلام، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى النبيe فسأله عن الإيمان فقال «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» فالإيمان بالملائكة الكرام ركن من أركان الإيمان، فمن أنكر وجودهم فقد كفر، لتكذيبه للقرآن والسنة وإجماع المسلمين.

والملائكة عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور، وجعلهم طائعين متذللين له، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» رواه مسلم.

وللملائكة خلق عظيم، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته التي خلق عليها، له ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق.. رواه البخاري ومسلم

وقال صلى الله عليه وسلم: «أُذن لي أن أُحدث عن أحد حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقة مسيرة سبعمائة عام»

خلق الله تعالى الملائكة لعبادته وتنفيذ أمره، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يسأمون.

وأما عدد الملائكة فكثير جدا، وهم جند من جند الله وما يعلم جنود ربك إلا هو، يدخل منهم كل يوم في البيت المعمور وهو بيت حيال الكعبة في السماء، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك».

وَكَّلهم الله بأعمال متفاوتة، فجبريل عليه السلام موكل بالوحي، وميكائيل عليه السلام موكل بالمطر والنبات، وإسرافيل عليه السلام موكل بالنفخ في الصور، ومالك عليه السلام خازن النار، ومنكر ونكير عليهما السلام يسألان العبد في قبره: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ومن الملائكة من هو موكل بكتابة أعمال العباد، ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾.

معاشر المؤمنين . ..

والملائكة يحبون المؤمنين، فيستغفرون لهم ويدعون لهم فمن دعاء حملة العرش ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ﴾.

وتصلي الملائكة على من يعلم الناس الخير وعلى المصلين في الصفوف الأُوَل، وعلى الذين يصلون الصفوف، وعلى من يبقى في مصلاه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ويصلون على المتسحرين. ويُؤمِّن الملائكة على دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب، كلما دعا له بخير قال الملك: آمين ولك بمثله.

«وإذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر» رواه البخاري.

بارك الله لي ولكم

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله . .  

أما بعد، فاتقوا الله معاشر المؤمنين ....

واعلموا أن من آثار الإيمان بالملائكة عليهم السلام محبتهم وتوقيرهم وتجنب كل ما يؤذيهم من الأقوال والأفعال المحرمة، والروائح الكريهة، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة».

عباد الله .. وكما تحب الملائكة أهل الإيمان، فإنها تبغض أهل الكفر والمعاصي وتدعوا عليهم، ومن أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، وإذا دعا الزوج امرأته إلى فراشه فامتنعت بلا عذر فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح

ومن سب أصحاب رسول الله r فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

والله نسأل أن يرزقنا محبة ملائكته الكرام والإيمان بهم وموالاتهم وإكرامهم، وأن يدخلنا في دعائهم للمؤمنين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين