أيام الصيف وشدة الحر

إن الحمد لله…

وأشهد أن لا إله إلا الله...
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
أما بعد، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة
عباد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: «قالت النار رب أكل بعضي بعضاً فأْذَنْ لي أتنفس. 
فأَذِنْ لها بنفسين: نفسٌ في الشتاء، ونفسٌ في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم». رواه البخاري ومسلم
فاللهم إنا نعوذ بك من فيح جهنم 
يا عباد الله يا عباد الله  لنتذكر بحرارة الصيف وطول نهاره يوم القيامة حين تقرب الشمس من الخلائق بمقدار ميل، والناس على قدر أعمالهم في العرق،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُدْنَى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكونَ منهم كمقدار ميل، فيكونُ الناسُ على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حَقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما». قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه. رواه مسلم 
وقال عليه الصلاة والسلام : «يعرقُ الناسُ يوم القيامة حتى يذهبَ عرقُهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم». رواه البخاري ومسلم 
إن يوم القيامة شديد الحر : فالشمس من الرؤوس دانية، 
طويل النهار : فمقداره خمسون ألف سنة، 
عظيم الموقف: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فخذوا من دنياكم ما ينجيكم في يوم معادكم، واستعدوا لذلك اليوم فإنكم واقفون فيه لا محالة، واعلموا أن هناك ظِلاً يَمنُّ الله به على بعض عباده المؤمنين فيظلهم في ظله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه».
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾.
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، 
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه، واستعملوها في طاعته، فقد تهيأ لكم من أسباب الراحة وظروفها ما لم يتهيأ لمن كان قبلكم 
فأنتم آمنون في بلادكم 
 قد أطعمكم الله وسقاكم من أنواع الملذات، وأجهزة التكييف في البيوت والمساجد والمدارس والسيارات مهيأة فأكثروا من شكر الله وحمده واستعملوها في طاعته
﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾
وتذكروا وأنتم تفرون من لهيب الصيف إخوانا لكم، قد مستهم البأساء والضراء، قد شردوا من بلادهم وأوطانهم 
وحل الدمار في ديارهم فلا يجدون مسكنا يؤويهم  
ولا أكلا يشبعهم ولا أمنا يُذهب خوفهم 
فاللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان
ولا تنسوا إخوانكم الذين يقاتلون الأعداء في ثغور هذه البلاد، فقد اجتمع عليهم حر الموقف وحر الصيف، 
فاللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا 
اللهم اعز الإسلام والمسلمين