فضل عشر ذي الحجة

إن الحمد لله

وأشهد أن لا إله إلا الله ..

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ

أما بعد:، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة

عبادَ اللهِ: اعلمُوا رحِمَكُمُ اللهُ، أننا على أبْوَابِ أيامٍ مُباركةٍ، هي أيامُ عَشْرِ ذِي الحِجَةِ التي فَضَلها اللهُ سُبْحانَهُ وتعالى، وجَعَلَ العَمَلَ الصَالِحَ فِيها،أَحَبَ إليهِ مِنَ العَمَلِ في سَائِرِ أَيَامِ العَامِ.

وقَدْ نَوَهَ اللهُ بِشأنِها في كِتَابِهِ الكَرِيمِ فَقَالَ جل شأنه ﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ، قالَ ابنُ عَباسٍ وغيرهُ هي عَشْرُ ذِي الحِجَةِ.

أَقسَمَ اللهُ بِها لِشَرَفِهَا وفَضْلِهَا، وهو سُبحانهُ يُقسمُ بِما شاء مِن خَلْقِهِ، وما يقسم به سبحانه فانه مما يكون له شأن عنده، ليُلْفِتُ العِبَادَ إِليهِ.  

عِبَادَ اللهِ : وأَيامُ عَشْرِ ذي الحِجِةِ ، يشرع فيها الإكثار من الأعمال الصالحة يَقولُ النبيُ صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»

وقال صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

فهي أفضلُ أيامِ العامِ على الإطلاقِ، وقد يَكونُ السببُ في ذلكَ أنهُ يتهيأُ فيها اجتماعُ أمهاتِ العباداتِ ،وهي الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ والحجُ، ولا يُمكنُ اجتماعُهَا كُلُهَا في غَيرِ هذهِ العَشْرِ، فَمَنْ أمد الله في عمره وبلغه هذهِ الأيام الفاضِلة فليشكُرْ نِعْمةَ اللهِ عليهِ بالاجتِهادِ فِيها بِما يَطِيقُ من أنواعِ الطاعاتِ والقُرُبَاتِ . 

 

وإن من الأعمَالِ الصَالحةِ التي ينبغِي أن يحرصَ عليها الُمسلمُ, صيام أيام العشر، لأن الصيامَ من أحبِ الأعمالِ الصالحةِ إلى اللهِ تعالى, والنبيُ صلى الله عليه وسلم قد رغَّبَ أمتَهُ في العملِ الصالِحِ في هذهِ العشرِ فيندَرِجُ الصِيامُ في تلكَ الأعمالِ الصالحةِ المحبوبةِ إلى اللهِ جل وعلا, وآكدُ هذهِ العشرُ بالصيامِ صيامُ يومِ عَرَفَةَ لقولهِ صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».

ومِنَ الأعْمَالِ الصالِحَةِ الُمستَحَبَةِ في هذهِ العَشْرِ: الاجتهادُ في التكبيرِ والتهلِيلِ والتحميدِ لقولهِ تعالى ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الأيام المعلومات هي أيام العشر) ولقوله صلى الله عليه وسلم «فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

(وكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا)

والُمستَحَبُ الجَهْرُ بالتكبِيرِ لِفعْلِ ابنِ عُمَرَ  وأبي هُريرَةَ رضيَ اللهُ عنهما، وَصِفَةُ التكبيرِ أن يقولَ : اللهُ أكبرُ. اللهُ أكبرُ. لا إلهَ إلا اللهُ. واللهُ أكبرُ. اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ. ويَبدأُ التكبيرُ من دُخولِ العَشْرِ إلى آخرِ أيامِ التشريقِ .

ومِنَ الأعمالِ الصالِحَةِ المشرُوعَةِ في هذهِ العشرِ: التقربُ إلى اللهِ تعالى بِذَبْحِ الأضاحِي، وهي ما شَرَعَ اللهُ ذَبْحُهُ في يومِ النَحْرِ لِعُمُومِ الُمسلِمينَ. وهي سنة مؤكدة وليستْ بِواجبة, وينبغي لِمن قَدَرَ عليها أن يَحرِصَ على فِعلِهَا.

ومنْ أرادَ الأضحِيةَ ودخَلَتْ عليهِ العَشْرُ فلا يأخُذْ شيئاً مِن شَعرهِ ولا أظفَارِهِ حتى يذبح أضحيته فإنْ نَسِيَ فليسَ عليهِ شيءٌ ، وإنْ تعمدَ استغفرَ وتابَ ، ولا يمنعهُ ذلكَ من ذبحِ أضحِيتِهِ.

عبادَ اللهِ:  وكلُ الأعمالِ الصالِحَةِ يُشرعُ للمسلمِ فعلُهَا في هذهِ العشْرِ, كالصدقةِ. وقراءةِ القرآنِ. والذكرِ. والدعاءِ. والاستغفار. وبر الوالدين وصلةِ الأرحامِ وإفشاءِ السلامِ وإطعامِ الطعامِ والإصلاحِ بينَ الناسِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكَرِ. وغيرِهَا .

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واجتهدوا في الأعمالِ الصالحةِ، واغتَنِمُوا العمرَ قبلَ فَوَاتِهِ، واستَغِلُوا الموَاسِمَ الفَاضِلَةَ، فإنَّ أحدَنَا لا يدْرِي أيدرِكُهَا بعدَ عَامِهِ هذا أم لا؟

اللهُمَ هيئ لنا من أمرِنَا رَشَداً ويَسرْ لنا أسبابَ طاعَتِكَ ومرضَاتِكَ يا ربَ العالَمِينَ .

باركَ اللهُ لِي ولَكُمْ في القُرآنِ العَظِيمِ . 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ..

أما بعدُ فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ, واعلموا رحِمَكُمُ اللهُ أنَّ مِن أوجَبِ الواجِبَاتِ في هذهِ الأيامِ ،حَجَ بيتِ اللهِ الحَرِامِ ، لمَنْ اجتَمَعَتْ فيهِ شُرُوطُ الوُجُوبِ وتَيَسَرَ لهُ أداؤُهُ ، فإنَّ الحَجَّ رُكنٌ من أركَانِ الإسلامِ.

وعلى من عَقدَ العزمَ على الحَجِ أن يُخْلِصَ نيَتَهُ للهِ تعالى, وأن يَحْرِصَ على الصُحْبَةِ الصَالِحَةِ، وأن يَتَعَلَّمَ من أحكَامِ الحَجِ والَمنَاسِكِ ما يَصِحُ بِهِ حَجُهُ،

وتًتِمُ بِهِ عِبَادَتُهُ، وأن يَحرِصَ على أن تَكُونَ نَفَقَتُهُ في الحَجِ من كَسْبٍ حَلالٍ، وإذا حَطَ رِحَالَهُ في تلكَ البِقَاعِ الُمقَدَسَةِ فليحرصْ على استِغلالِ وقْتِهِ في ذِكْرِ اللهْ تعالى والدعاءِ والاستغفَارِ فقد سُئل النبيُ صلى الله عليه وسلم «أَيُّ الحاجِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا».

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه في قوله ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين

اللهم اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا واختم بالصالحات أعمالنا 

اللهم أَعِنِّا على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسْنِ عبادتِكَ

اللهم أصلح لنا قلوبنا وأعمالنا وأقوالنا واجعلها خالصة لوجهك الكريم

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.

اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين، واجز هذه الدولة خير الجزاء على جهودها المباركة في توفير أسباب الأمن والراحة لضيوف بيتك الحرام برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.