زكاة الفطر وبعض أحكام العيد

 

إن الحمد لله ..

أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ..

هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ تَقَارَبَ تَمَامُهُ، وَتَصَرَّمَتْ لَيَالِيهِ الْفَاضِلَةُ وَأَيَّامُهُ، فَمَنْ كَانَ مِنْا مُحْسِنًا فليحمد الله على نعمته وعَلَيْهِ بالاتمام فيما بقي، وَمَنْ كَانَ مُقَصِّرَاً فَلْيَخْتِمْهُ بِالتَّوْبَةِ والاستغفار والاستدراك ، فالأعمال  بالخواتيم.

عباد الله

لقَدْ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خِتَامِ الْشَّهْرِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجِبُ أَنْ يُخْرِجَهَا الْمُسْلِمُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ مَؤُونَتُهُ إذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا إِخْرَاجَهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا تَجِبُ عَنِ الْحَمْلِ إِلاَّ أَنْ يَتَطَّوَعَ بِهَا.

وَالْوَاجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ (صَاعَاً) مِنْ طَعَامِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ تَمْرٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ رُزٍّ أَوْ غَيْرِهَا، وَمِقْدَارُ الصَّاعِ (ثَلَاثَةُ كِيْلُو تقريبا)، وَتُدْفَعُ إلَى فُقَراءِ المَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقْتَ الإِخْرَاجِ.

وَلَا يُجْزِئُ إِخْرَاجُ الْفِطْرةِ نُقُودَاً، لأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِأَمْرِ الْنَّبيِّ ﷺ، وَمُخَالِفٌ لِفِعْلِ أَصْحَابِهِ، ولأنها من شعائر الدين الظاهرة ﴿‏وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ.

فأظهروا هذه الشعيرة وعظموها وربوا  أولادكم على ذلك.

وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ العِيْدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيْرُهَا عَنِ صَلَاةِ الْعِيْدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيْدِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الْصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الْصَّدَقَاتِ.

وَهِيَ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَمِنْ جُمْلَةِ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ بِالتَّوْفِيقِ لِصِيَامِ رَمَضَانِ، وَفِيهَا إِغْنَاءٌ لِلْفُقَرَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْكَرِيمِ، الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْخَيْرِ وَالْسُّرُورِ.

فَلْنُطَهِّرْ صِيَامَنَا بِإِخْرَاجِهَا، وَلْتَكُنْ مِنْ أَطْيَبِ أَمْوَالِنَا الَّتِي نَجِدُ، وَلْنَبْذُلّ زَكَاةَ فِطْرِنِا نَنَالُ بِهَا مَثُوْبَةَ رَبِّنَا، وَنُحْيِي بِهَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، وَنُحْسِنُ بِهَا إلَى إِخْوَانِنَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَيَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله ..

عباد الله.. شَرَعَ اللهُ لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِنَا التَّكْبِيرَ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ مِنْ غُرُوبِ الْشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِلَى صَلَاَةِ الْعِيدِ، قَالَ تَعَالَى: ‏﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

وَيُسَنُّ جَهْرُ الْرِّجَالِ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْبُيُوتِ، إِعْلَاَنًا بِتَعْظِيمِ اللهِ، وَإِظْهَارًا لِعِبَادَتِهِ وَشُكْرِهِ.

وَمِنَ الْسُّنَّةِ الْأَكْلُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْصَّلَاَةِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ تَمْرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ، تُقْطَعُ عَلَى وِتْرٍ.

وَالْخُرُوُجُ مَشِيَاً، وَالتَّجَمُّلُ وَلِبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ.

وَأَدَاءُ الْصَّلَاَةِ بِخُشُوعٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ وَخُضُوعٍ.

وَالْفَرَحُ بِنَعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا بِإِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَعَمَلِ مَا تَيَسَّرَ فِيهِ مِنَ الْصَّلَاَةِ وَالْصِّيَامِ وَالْصَّدَقَةِ وَقِرَاءةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا‏، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾.

فاللهم اجعلنا من صام هذا الشهر وقامه وقام ليلة القدر إيمانا واحتسابا....

اللهم اعز الإسلام والمسلمين

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء

والزنا والربا والزلازل والمحن

وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن..