كيف تصلح قلوبنا؟؟!!

إن الحمد لله ..

أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ

يا عباد الله: قال رسولكم عليه الصلاة والسلام  «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.

إن صلاح القلب أعظم ما يجب أن يعتني به المسلم، ولاسيما في شهر الخيرات والبركات، فما أعظم ما يُصلح الله به القلوب؟

إن أعظم ما يصلح القلوب: كلام علام الغيوب، هُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، ‏﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾.

وَهُوَ مُعْجِزَةُ الْدَّهْرِ‏ ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾

وَهُوَ الْحَقُّ وَنَزَلَ بِالْحَقِّ: ‏﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾، وَهُوَ الْقَوْلُ الْفَصْلُ، لَا بَاطِلٌ وَلَا هَزْلٌ: ‏﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾.

هُوَ الْمَخْرَجُ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ، وَالنَّجَاةُ مِنْ كُلِّ هَلَكَة، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ؛ هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَنُوْرُهُ الْمُبِينُ؛ وَالْذِّكْرُ الْحَكِيمُ، من اتبعه هداه الله الصراط المستقيم؛ ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

مُيَسَّرٌ للفهم والتدبر ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.

هَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ اجْتَمَعَتْ لَهُ أَنْوَاعُ الشَّرَفِ: فَهُوَ أَشْرَفُ كِتَابٍ، لأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْأَرْبَابِ؛ نَزَلَ بِهِ أَشْرَفُ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ الْرَّوْحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِ أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ؛ وَنَزَلَ فِي أَشْرَفِ مَكَانٍ، وَأَشْرَفِ زَمَانٍ: فَنَزَلَ بِمَكَّةَ فِي أَطْهَرِ بُقْعَةٍ وَطِئَهَا الْإِنْسَانُ، وَنَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَاجْتَمَعَتْ لَهُ أَنْوَاعُ الشَّرَفِ الْزَّمَانِيِّ وَالْمَكَانِيِّ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فإذا أردت صلاح قلبك فأكثر من  تِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ، وتَدَبُّرِهُ، وتَصْدِيْقِ أَخْبَارِهِ، وتَنْفِيْذَ أَحْكَامِهِ، فَهُوَ  شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ، وَعِلَاجٌ لِلنُّفُوسِ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْآفَاتِ، وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾.

أقول ما تسمعون

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله ..

عباد الله.. أَلَا إِنَّ شَهْرَكُمْ قَدْ انتصف، وعما قليل ينقضي  بما أودعنا فيه من العمل وحينئذ لا ينفع الندم فاحرصوا على استغلال ما تبقى منه، واعلموا أن صلاح قلوبكم وأعمالكم بيد الله، وأنه لاحول ولاقوة إلا بالله، فهو المعين والميسر ومنه القبول.

فأكثروا من الدعاء وألحوا على الله فيما بقي من هذه الأيام العظيمة أن يعينكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وأكثروا من الصلاة وقيام الليل  والتسبيح والتهليل والتكبير وكثرة الذكر   وقراءة القرآن، وإطعام الطعام والصدقات  ففيها صلاح القلوب..

اللَّهُمَّ أَيْقِظْ قُلُوبَنَا مِنَ الْغَفَلاتِ، وَوَفِّقْنَا لاغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ بما يرضيك عنا يا أرحم الراحمين..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين..