استقبال رمضان

إن الحمد لله ..

أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ

عباد الله إن من أعظم نعم الله على عبده أن يوفقه لإدراك مواسم الخيرات، ثم يوفقه لاستغلالها بكثرة العمل الصالح فيها، وها أنتم يا عباد الله تستقبلون شهرا عظيما مباركا، إنه شهرُ الرحمة والغفران، والعتق من النيران، شهرٌ تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد مردة الشياطين، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرَها فقد حرم.

صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين

اختص الله هذا الشهر العظيم بأن جعل صيامه فريضة وركنًا رابعًا من أركان الإسلام،

قال سبحانه ﴿يٰأَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ.

وقال النبي ﷺ: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» متفق عليه.

وأنزل الله فيه القرآن، قال تعالى ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ. هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّنٰتٍ مِنَ الهُدىٰ وَالفُرقانِ.

وشرع الله فيه قيام الليل، وجعل ذلك من أسباب مغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

ومعنى «إيمانا واحتسابا» أي : إيمانًا بأن الله شرع ذلك واحتسابًا للثواب من عنده لا رياء ولا لغرض آخر من أغراض الدنيا.

يا عباد الله  استقبلوا شهركم بالفرح والسرور وشكر الله عند بلوغه، واحمدوا الله إذا بلغتموه  فجعلكم من الأحياء الذين يتنافسون في صالح العمل، فإن بلوغ رمضان نعمة عظيمة من الله.

 فالله الله باستقبال هذا الشهر العظيم بالتوبة النصوح، والاستعداد لصيامه وقيامه بنية صالحة وعزيمة صادقة، واتقوا الله واحفظوا صومكم وصونوه من جميع الذنوب والمعاصي، واجتهدوا في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار..

فاللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه وارزقنا فيه العمل الصالح المقبول

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله

قال النبي ﷺ: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين».

يا عباد الله : أتاكم شهر رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، واعلموا يا عباد الله أن التوفيق بيد الله وأن الإعانة من الله والقبول بيده  وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، واعلموا أنما هي أياما معدودات، فلا ندري أندرك الشهر أم لا ندركه، ولا ندري أندرك آخره أم لا ندركه، ولا ندري أندرك رمضان آخر أم لا ندركه

فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ بفعل الطاعات وترك المعاصي فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله، واستعينوا بربكم  بكثرة الدعاء، بأن تبلغوه وتدركوا آخره، واسألوا الله بأن يعينكم ويوفقكم للعمل الصالح المقبول، وبادروا بالأعمال الصالحة وتضرعوا إلى ربكم.

اللهم لاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ‏اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وارزقنا العمل الصالح المقبول، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء، والزنا والربا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين..