فضل طلب العلم

إن الحمد لله ....

أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ

‏عباد الله أن من أفضلِ العبادات وأعظمِها منزلة عند الله طلب العلم الشرعي، والعناية بتحصيله، ومن وُفِّق لطلب العلم فقد وُفق للخير كله؛ كما قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».

ولقد نوّه -عز وجل- بفضل أهل العلم في كتابه بقوله: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ...﴾.

وقد أثنى الله على العلم وأهله، ورفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.

1- والعلم طريق إلى خشية الله تعالى لقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾ والمعنى أن الذي يخشى الله هم العلماء من عباده، فالعلماء هم الذين يخشون الله حق خشيته، لأنهم أعلم الناس بالله، وبما يستحقه جل وعلا من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وهم أعلم الناس بما أوجب الله على عباده فيتبعونه، وبما حرمه عليهم فيجتنبونه.

2- ومما يدل على فضل العلم وعلو مكانته في الإسلام أن الله جل وعلا لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله الزيادة إلا من العلم الشرعي، فقال سبحانه: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً» رواه ابن ماجه،.

3- ألا وإن حاجة المسلم إلى طلب العلم الشرعي والعناية به من أشد الحاجات وأعظمها؛ لأن سعادته وفلاحه في دنياه وأخراه متوقفٌ على العلم الشرعي، والعمل به

فهو السبيل الموصل إلى الجنة وبه يعرف المسلم حق الله عز وجل وحق نبيه عليه الصلاة والسلام وحقوق الوالدين والأرحام والجيران وغير ذلك وبه يعرف أسباب النجاة وأسباب الهلاك وبه يميز  طريق الخير من طريق الشر.

قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ المَدِينَةِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه وَهُوَ بِدِمَشْقَ فَقَالَ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي؟ فَقَالَ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مَا جِئْتَ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الحَدِيثِ؟ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواه الترمذي (2682)

‏اللهم إنا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله ...

عباد الله فالعلماء الصادقون ورثوا ما جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من العلم، وساروا على طريقتهم في الدعوة إلى توحيد الله تعالى وطاعته، والنهي عن الشرك والمعاصي، والذود عن دينه وحماية شريعته.

أيها المسلمون.. إن حاجة الناس إلى العلم والعلماء، أعظمُ من حاجتهم إلى الطعام والشراب والنَّفَس، فبدون العلماء لا يقوم الدين،  ولا يعرف الناسُ الحلال من الحرام، ولا كيف يعبدون ربهم جل وعلا، فالعالم العامل كالغيث، حيثما حل نفع، وليس للناس عوض عن العلماء أبداً.

فاجتهدوا رعاكم الله تعالى في طلب العلم النافع، وشمروا في تحصيله، ورغبوا أولادكم في سلوك سبيله، فلعل الله بمنه وكرمه أن يجعل منهم أئمة في الدين، وعلماء عاملين، يهدون من ضل عن الهدى، ويبصرون أهل العماية والغوى، فيكون لكم الأجر في ذلك، فإن من دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.

وفي  هذا الأسبوع  بإذن الله سيعود طلاب المرحلة الابتدائية  بعد طول غيبة الى الدراسة النظامية  ولله الحمد والمنة فاحرصوا رعاكم الله على تحصيلهم العلمي وتحصينهم بالأذكار الشرعية مع الالتزام بالإجراءات الصحية والاحترازية.

نسأل الله أن يوفق أبناءنا الطلاب في دنياهم وأخراهم وأن يحفظهم بحفظه

اللهم اعز الإسلام والمسلمين..

اللهم اصرف عنا البلاء والوباء والزنا والربا والغلاء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وسائر بلاد المسلمين

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى اللهم وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ارحم الراحمين ...