حقوق كبار السن

إن الحمد لله ...

عباد الله.. قال الله عز وجل:

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.

سبحان من خلق الخلق بقدرته، وصرَّفهم في هذا الوجود بعلمه وحكمته

خلق الإنسان ضعيفًا ثم تمر الأيام والليالي   فيمده الله بالصحة والعافية ثم يصير شاباً  قوياً

ثم تمر السنين والأعوام وتتلاحق، الأيام تلو الأيام، حتى يصير إلى المشيب والكبر، يقف في آخر هذه الحياة وقد ضعف بدنه وانتابته الأسقام والآلام ثم بعد ذلك يفجع بفراق الأحبة والصحب الكرام.

إنه الكبير الذي رق عظمه وكبر سنه وخارت قواه وشاب رأسه، إنه الكبير الذي نظر الله إلى ضعفه وقلة حيلته فرحمه وعفا عنه ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً  فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾

عباد الله: وإن من الأخلاق العظيمة والآداب الرفيعة التي دعا إليها ديننا الحنيف معرفة قدر كبار السن، ومراعاة حقوقهم والتأدب معهم، ثبت في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أنزلوا الناس منازلهم»،

وقال عليه الصلاة والسلام  «خيركم من طال عمره وحسن عمله».

وقال عليه الصلاة والسلام: «من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا». رواه البخاري في الأدب المفرد

فمن كان لا يعرف حقوق كبار السن ولا يعرف ما لهم من حقوق وواجبات فإنه ليس على هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وليس على طريقته -صلوات الله وسلامه عليه-.

وقال عليه الصلاة والسلام : «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام الحاكم المقسط». رواه أبو داود

عباد الله: إن إكرام ذي الشيبة من إجلال الله -سبحانه وتعالى-، إن إكرام ذي الشيبة المسلم مما يتقرب به المؤمنون إلى الله، ويطلبون به ثواب الله -عز وجل- وعظيم موعوده

إن كثيرًا من كبار السن يحتاجون إلى رعاية خاصة، ومراعاة لمشاعرهم ونفسياتهم، وكما تَدين  تُدان، يقول يحي بن سعيد المدني -رحمه الله-: بلغنا "أن من أهان ذا شيبة لم يمت حتى يقيض الله -عز وجل- له من يهينه في كبره"، فالواجب -عباد الله- معرفة حقوق كبار السن والعناية بهم، ولا سيما -عباد الله- إذا كان كبيرُ السن أبًا أو جدًّا أو خالاً أو عمًّا أو جارًا أو قريبًا؛ فإن ذلك -عباد الله- قد اجتمعت فيه حقوق عديدة، حقوق كبر السن، وحقوق الأبوة أو العمومة أو الجوار، أو نحو ذلك، والواجب على المسلم -عباد الله- أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يحسن مع عباد الله، وأن ينزلهم منازلهم، وأن يعطي كل ذي حق حقه.

عباد الله: إن هؤلاء الكبار الأخيار،، أهل الدعاء والسجود والطاعة والإقبال على الله، أهل الإكثار من الاستغفار، الداعين الله -عز وجل- لهم ولذويهم ولعموم المسلمين، حقهم علينا أن نعرف قدرهم، وأن نرعى مكانتهم، فهم  والله زينة البيوت وجمالها وهم أهل المساجد  وعمارها ، ألا فلنتقِّ الله -عز وجل- في كبار السن.

بالتأدب  معهم والإحسان  إليهم وتوقيرهم واحترامهم، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله

يا معاشر الكبار، أنتم كبار في قلوبنا، وكبار في نفوسنا، وكبار في عيوننا، لكم الفضل  بعد الله علينا، أنتم الذين علمتم وربيتم وبنيتم وقدمتم وضحيتم

لئن نسي الكثير فضلكم فإن الله لا ينسى، ولئن جحد الكثير معروفكم فإن الأجر عند الله باق، وعنده الجزاء الأوفى ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾.

يا معاشر الكبار، أمّا الآلام والأسقام التي تجدونها فالملائكة كتبت حسناتها، والله عظم أجورها، وستجدونها بين يدي ربكم

فاصبروا على البلاء واحتسبوا عند الله جزيل العطاء فإن الله يضاعف الأجور لعبده المؤمن  قال –صلى الله عليه وسلم-: «عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خيرٌ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له» (رواه مسلم 18/ 125).

يا معاشر الشباب، توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام، وسنة من سنن سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام.

وإجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء

يا معاشر الشباب، ارحموا الكبار وقدروهم ووقروهم وأجلُّوهم فإن الله يحب ذلك ويثني عليه خيرًا كثيرًا

إذا رأيت الكبير فارحم ضعفه، وأكبر شيبَهُ، وقدِّر منزلته، وارفع درجته، وفرج -بإذن الله- كربته يعظم لك الثواب

يا معاشر الشباب، أحسنوا لكبار السن لاسيما من الوالدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات، وإياكم ثم إياكم من عقوقهم أو هجرانهم أو مقاطعة حديثهم أو تسفيه آرائهم أو الزهد في مجالستهم والحديث معهم ومؤانستهم

 فغداً ستفقدونهم ثم تندمون أشد الندم على ما فرطتم في حقوقهم

وغداً إذا طال بكم البقاء ستكبرون مثلهم فهل سترضون أن يعاملكم الصغار والشباب بما تعاملون به أكابركم ؟؟!!

فاللهم أصلح أحوالنا وشبابنا

اللهم اجز كبارنا خير الجزاء على ما بذلوه لأجلنا وعلى تربيتهم وتعليمهم لنا وعلى تضحياتهم العظيمة

اللهم وارزقهم الفردوس الأعلى من الجنان ووالديهم وارزقنا برهم والإحسان إليهم

اللهم أعز الإسلام والمسلمين