التحذير من جماعة التبليغ والدعوة

الحمد لله القائل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ أحمده جل الله على نعمة الإسلام والسنة، وأشكره أن هدانا لاتباع سلفنا الصالحين، وأئمة الهدى السالفين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، دعا أمته إلى التوحيد الخالص، وحذرها من الشرك والمحدثات، وتركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلاة ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

فاتقوا الله معاشر المؤمنين، واعلموا أن الله أمر بالدعوة إلى دينه، وحثنا عليها ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾.

فالدعوة الله تعالى وظيفة الأنبياء عليهم السلام، ووظيفة الصحابة رضى الله عنهم ومن سار على طريقتهم من أهل العلم والدعوة في كل قرن إلى يومنا

وفي هذا الزمان المتأخر ظهرت جماعات وأحزاب وتنظيمات  مختلفة، منها من يدعو إلى الانحلال والفساد الخلقي وترك أحكام الشريعة بل وصل ببعضهم إلى السخرية والاستهزاء بأحكام رب العالمين

ومنها جماعات تتبنى القيام بالدعوة إلى الإسلام حسب منهجها وطريقتها التي ارتسمتها لنفسها، ومن أشهر هذه الجماعات الجماعة المعروفة بجماعة التبليغ والدعوة، ويطلق عليها أيضًا (جماعة الأحباب)

هذه الجماعة نشأت في بلاد الهند على يد مؤسسها محمد إلياس الكاندهلوي، المتوفى سنة 1364هـ، وكان على عقيدة الماتريدية، وأخذ البيعة على الطريقة الصوفية، فهو ليس على عقيدة السلف الصالح، بل هو ماتريدي صوفي، وكان عنده حماس للدعوة على طريقته، فأسس هذه الجماعة، التي انتشرت في كثير من البلاد، وجاء بعده من كبراء هذه الجماعة وقادتها من ساروا على طريقته في الاعتقاد الدعوة

وجماعة التبليغ من الجماعات والفرق الضالة لأسباب كثيرة، منها:

1- أن غالب اتباعها لا يعتنون بعلوم الشريعة، فهم يَدْعون إلى الله على جهل، وقد قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ فأتباع النبي عليه الصلاة والسلام حقا هم الذين يدعون إلى الله تعالى على بصيرة أي على علم لا على جهل

2-عدم عنايتهم بالدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك، مع أن الدعوة إلى التوحيد  هي أصل دعوة الرسل عليهم السلام، فما من نبي بعثه الله تعالى لقومه إلا ويقول لهم: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾

بل وصل بكثير منهم الحال أنهم لا ينكرون الشرك ووسائله كدعاء الموتى والطواف بالقبور والبناء عليها،

3-تحديدهم أيام للخروج للدعوة بغير دليل من الشرع، فيخرجون في كل شهر ثلاثة أيام، وفي كل سنة أربعين يوما، وفي العمر أربعة أشهر، وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء ببدعية ذلك

4- وكثير من مشايخ جماعة التبليغ يعادون أهل السنة والجماعة، ويطعنون في دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى  ويصفونها بأبشبع الأوصاف، ويفترون عليه الكذب، مع أن الشيخ رحمه الله تعالى وأعلى منزلته إنما دعا إلى الرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، واتباع ما  عليه الصحابة رضى الله عنهم وأتباعهم بإحسان، وكتبه وكتب أتباعه شاهدة بذلك.

5-ويعتمد التبليغيون كتابا عندهم يُعرف بتبليغي نصاب، للأعاجم من أتباعهم، وهو كتاب يحتوي على بدع وضلالات وخرافات بل وشركيات، وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالتحذير من هذا الكتاب، وأنه لا تجوز قراءته؛ لما اشتمل عليه من الخرافات.

6-وهذه الجماعة وغيرها من الجماعات المخالفة للسنة حصل بسببها تفريق كلمة المسلمين، وإلقاءُ العداوة والشحناء فيما بينهم، فوقعوا فيما نهى الله عنه في قوله: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

بارك الله لي ولكم

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله ..

فاتقوا الله معاشر المؤمنين، واعلموا أن كبار علماء هذا العصر قد حذروا من جماعة التبليغ، منهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ صالح بن فوزان الفوزان والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله بن غديان وغيرهم كثير من كبار العلماء وأهل العلم رحم الله أمواتهم وحفظ أحياءهم.

فلا يجوز الانتساب لجماعة التبليغ المعروفين بالأحباب، ولا التحزب لها، ولا الخروج مع أتباعها، بل الواجب الحذر والتحذير منها، وعدم تمكين أتباعها، كل ذلك نصحا للدين، وقياما لما أوجب الله من الرد على المخالفين وبيان حالهم، وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَنْتَمُونَ وَيَتَعَصَّبُونَ لِهَذِهِ الجَمَاعَةِ -مِنْ أَبْنَاءِ هَذَا الوَطَنِ- لَا يَعْلَمُونَ خَطَرَهَا وَلاَ حَقِيقَةَ أَمْرِهَا وَلاَ مُعْتَقَدَاتِهَا المُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِلاَّ لَتَرَكُوهَا وَابْتَعَدُوا عَنْهَا.

والواجب على المسلمين أن يتبصروا في دينهم، وألا يقبلوا من أحد أن يتصدر للدعوة

إلا من عرف بعلمه وسلامة عقيدته ولزومه لطريقة السلف الصالح،

وكان الواجب على جميع هذه الجماعات المخالفة للسنة لزوم كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام بفهم سلف الأمة، ورد ما يختلفون فيه إليهم

كما قال تعالى ﴿يٰأَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وَأُولِى الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنٰزَعتُم في شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسولِ إِن كُنتُم تُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذٰلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأويلًا﴾.

والله نسأل أن يهدينا وأتباع هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الضالة  صراطه المستقيم، وأن يسلك بنا وبهم طريق السلف الصالحين، وأن يمن علينا أجمعين بالفقه في الدين، وأن يثبتنا على الإسلام والسنة، وأن يعيذنا من الشرك والبدعة، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.....