خطر الزنا

إن الحمد لله ...

عباد الله.. إن من الجرائم العظيمة، والموبقات الأثيمة، التي تنفر منها الطباع السليمة، وتشمئز منها الفطر المستقيمة،

جريمة حرمتها الأديان السماوية، قبل أن يحرمها الإسلام، وظهر فسادها بادياً للعيان، قطعت بسببها الأرحام، وانتهكت لأجلها الأعراض، وأزهقت من جرائها النفوس، واختلطت بها الأنساب

أتدرون ما هذه الجريمة الشنيعة ؟؟ إنها جريمة الزنا عافانا الله وإياكم منها

قال الله تعالى: ﴿وَلا تَقرَبُوا الزِّنىٰ إِنَّهُ كانَ فٰحِشَةً وَساءَ سَبِيلا﴾ (إِنَّهُ كانَ فٰحِشَةً) أي ذنباً عظيماً، (وَساءَ سَبِيلًا) أي وبئس طريقاً ومسلكاً،

وقرن الله جل وعلا هذه الجريمة الشنيعة بالشرك والقتل، فليس بعدهما إثم أكبر من الزنا، ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾.

وفي صحيح البخاري عن عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال سَأَلْتُ أو سُئِلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ؟ قال «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ» قلت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قلت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ».

الزنا من كبائر الذنوب التي تجلب على المجتمعات البلاء والفتن، والفساد الكبير والمحن، وتوجب العقوبة العاجلة والآجلة،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الربا والزنا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه الحاكم.

الزنا سبب لكثير من الأمراض المزمنة، والأوبئة القاتلة، وظهور الطاعون

عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال أَقْبَلَ عَلَيْنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إذا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لم تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا ...» الحديث، رواه ابن ماجه،

الزنا سبب كثرة اللقطاء من أولاد الزنا، والذين ينشأون في مجتمعاتهم، محرومين من حنان الأبوين، يتجرعون أنواعاً من الآلام في حياتهم، بسبب لذة عابرة وشهوة طارئة من الزناة والزواني، بل ربما أدخلت المرأة على زوجها بسبب الزنا، من ليس من أولاده، فاختلطت بذلك الأنساب، وتَكشَّف الأجنبيُ على المحارم.

﴿وَلا تَقرَبُوا الزِّنىٰ إِنَّهُ كانَ فٰحِشَةً وَساءَ سَبِيلا﴾.

الزنا سبب لكثرة الجرائم الشنيعة، كاغتصاب الفتيات، وانتشار القتل، فقد يقتل الزاني من زنى بها وقد ينتقم أهل المرأة من الزاني بقتله، كما أن الزنا سبب لقتل الجنين الذي ليس له ذنب فالزانية تسعى لإخفاء جريمتها بالخلاص من جنينها، وهذا من القتل للنفس التي حرمها الله عز وجل.

ألم تروا كيف وصل ببعضهم أن يضعوا الجنين وهو يصرخ في كيس القمامة ويلقونه في أماكن القاذورات فبالله عليكم (بأي ذنب قُتلت)

﴿وَلا تَقرَبُوا الزِّنىٰ إِنَّهُ كانَ فٰحِشَةً وَساءَ سَبِيلا﴾.

وروى البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان في المنام قالا انْطَلِقْ قال: «فَانْطَلَقْنَا إلى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فإذا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حتى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فإذا خَمَدَتْ رَجَعُوا فيها وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فقلت ما هذا قالا انْطَلق»، ثم أخبراه أن هؤلاء الذين يعذبون هم الزناة والزواني.

فاللهم اصرف عنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك المخلصين

واعصمنا وأزواجنا وذرياتنا والمسلمين من هذا الذنب العظيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله . .

عباد الله روى الإمام أحمد، عن أبي أمامة، أن فتى شاباً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه ائذن لي بالزنا، فأقبل عليه القوم فزجروه، وقالوا: مه مه. فقال: «ادنه»، فدنا منه قريباً، فقال: «اجلس» فجلس، فقال: «أتحبه لأمك؟» قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: لا واللّه يا رسول اللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم»، قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا واللّه جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: «أفتحبه لعمتك؟» قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا واللّه جعلني اللّه فداك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه»، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء

يا عباد الله يا شباب الإسلام

‏ولما حرم الله الزنا؟ لعظم شناعته وبشاعته حرم كل وسيلة توصل إليه،

 فأمر بغض البصر وحرم الأغاني والمعازف فإنها بريد الزنا، وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية، وأمر المرأة بالحجاب الشرعي الكامل بغطاء الوجه ونهى المرأة عن إبداء شيء من زينتها للرجل الأجنبي، وعن التعطر عند خروجها من بيتها، وخضوعها بالقول عند محادثة الرجال، ومنع الاختلاط الذي يؤدي إلى الفتنة بالمرأة

كل ذلك سدا لذريعة الزنا، وحماية للمجتمع المسلم وصيانة له من الوقوع في هذه الكبيرة العظيمة والمنكر العظيم

يا رب يا رب إنك تعلم ضعفنا وعجزنا وأنه لا حول ولا قوة لنا إلا بك، فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك

فاللهم اصرف عنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك المخلصين

اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين اللهم استر على نسائنا ونساء المسلمين، اللهم ارزقهن الحشمة والعفاف،

اللهم أعز الإسلام..