أهوال القيامة (الصراط)

إن الحمد لله ..

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة

عباد الله .. إن من أركان الإيمان التي بجب علينا الإيمان واليقين بها الإيمان باليوم الآخر، وهو كل ما جاء في القرآن والسنة مما يكون بعد الموت، من فتنة القبر وعذابه ونعيمه والبعث والحساب إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.

ومن ذلك أنه في ذلك اليوم العظيم يوم القيامة تقام ألوية الأنبياء عليهم السلام، وتكون كل أمة تحت لواء نبيها،

ثم يضرب الله عز وجل الظلمة قبل جهنم، أعاذنا الله منها، فيكون الناس في ظلمة عظيمة قبل الصراط

الذي لا يمكن دخول الجنة إلا بعد المرور عليه .. قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾

وهو المرور على الصراط

هل تعلمون ما هو الصراط الذي سنمر عليه .... ؟؟

 الصراط جسر مضروب على ظهر جهنم مدحضة مزلة أي أنه زلق لا تثبت عليه الأقدام، عليه خطاطيف وهي الكلاليب، وهي حدائد معطوفة الرأس، تخطف من شاء الله من الناس، وهو جسر مظلم، أحد من السيف، وأدق من الشعر له حافتان أو جنبتان.

يعطي الله تعالى المؤمنين نورهم فيمرون عليه بحسب أعمالهم، فمن كان أكثر إيمانا وصلاحا أعطي نورا عظيما، ويمر على الصراط بأسرع ما يكون، ثم من دونه في الإيمان والعمل الصالح يكون أقل نورا وسرعة.

حتى يمر آخرهم يزحف زحفا قد أبطأ به عمله، حتى ينجو، ومن الناس من تأخذه الكلاليب فيهوي في النار عياذا بالله تعالى.

ثم يسير الناس بما يعطون من الأنوار، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون، ثم يضرب بين المؤمنين والمنافقين بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، فيعطي الله تعالى المؤمنين النور فيبصرون طريق الصراط ويعبرون عليه، ويمنع المنافقون النور فيتساقطون في جهنم مع الكافرين.

قال -صلى الله عليه وسلم-: «فيأتون محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق، قال: قلت: بأبي أنت وأمي أيّ شيء كمر البرق؟ قال: ألم تروا إلى البرق، كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلِّم سلمْ حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفًا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أُمِرَت به؛ فمخدوش ناجٍ، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفًا» رواه مسلم

وفي صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل, وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم».

فإذا نجا المؤمنون من النار وُقفوا على قنطرة بين الجنة والنار ليُقتص لبعضهم من بعض قبل دخولهم الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخلص المؤمنون من النار، فيُحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونُقُّوا أُذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة، منه بمنزله كان في الدنيا» رواه البخاري.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط، فهو يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئًا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين».

فاللهم ثبت على الصراط أقدامنا

برحمتك يا ارحم الراحمين

 

الخطبة الثانية

الحمد لله . . أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من أراد أن يثبته الله على الصراط يوم القيامة بأمان وسلام، فليلزم الصراط المستقيم في الدنيا وليثبت على المنهج والطريق الذي سار عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في العقيدة والعمل و الظاهر والباطن بالعلم النافع بمعرفة طريق الحق والعمل به

ومن ذلك المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد

وبر الوالدين وصلة الأرحام وكثرة الطاعات

والبعد عن المعاصي والمنكرات وعن النفاق وأسبابه و عن التشبه بالمنافقين في صفاتهم وأفعالهم

عن النبي قال: «أثقل صلاة على المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبواً» .

.. اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة، وارزقنا علمنا نافعا وعملا صالحا ينجينا برحمتك من أهوال يوم القيامة، اللهم ثبتنا أقدامنا على الصراط، ونجنا من عذاب النار، وارزقنا الفردوس الأعلى من الجنة....