عداوة الكفار

بسم الله الرحمن الرحيم

عداوة الكفار

الجمعة : 22/4/1422 (20)

إن الحمد لله

أيها الناس :

أشرقت شمس الرسالة على أهل الأرض ، فكانت لهم سراجا منيرا ، فأنعم الله بها عليهم نعمة لا يستطيعون لها شكورا ، وأهل الكتاب وقتئذ مترقبون ينتظرون ، فلما أشرقت من مكة ببعثة محمد بن عبد الله كفروا بها وجحدوها إلا قليلا منهم . فكان منهم من أسلم فسلم ، وآمن فأمن ،وكتب له الأجر مرتين . فكان الإسلام عليهم نعمة والمسلمون لهم رحمة . وكان منهم من أخذه الكبر والحسد ، فكفر وجحد .

ومنذ ذلك الحين وهم يكيدون للمسلمين كيدا ليردوهم عن دين الله فردا فردا ، سلكوا في ذلك جميع السبل والوسائل ، ونفذوا من أجله مخططات الأواخر والأوائل ، فمرة مكر وخديعة في ثوب الناصح الأمين ، ومرة غصب واستعمار ، تحت كل ستار، فكل ما يريدونه من الأعمال المنكرة ، يسمونةحرية ، ومرة ديمقراطية ، وما لا يريدونه ، تخلف وهمجية ، وإرهاب ورجعية .

عداوة الكفار للمسلمين قضية مقررة محسومة ، وعقيدة راسخة معلومة ، بينها الله في القران الكريم ، وشهد بها التاريخ والواقع الاليم ، فمن لم يقنع ببينة القران ، فليشاهد ما يجري بالعيان .

تذكروا الجرائم الشنيعة ، والعظائم الفظيعة ، التي ارتكبها النصارى في الأندلس ، أجبروا المسلمين على التنصر ، وحولوا مساجدهم إلى كنائس ، وأتلفوا الكتب والمصاحف .

تذكروا الحروب الصليبية الكبرى التي شنها النصارى على الشرق الإسلامي طيلة قرنين من الزمان ، كم ارتكبوا فيها من المذابح . ففي الحملة الأولى فقط أبادوا أهل أنطاكية ، وذبحوا في القدس أكثر من سبعين ألفاً من المسلمين ، وخربوا ديار المسلمين .

وتذكروا ما فعل الاستعمار الصليبي في بلاد المسلمين ، في القرن المنصرم من قتل وتشريد ، وفساد وإفساد ، وتخريب ودمار ، ونهب للأموال والممتلكات ، وليست مذابح البوسنة والهرسك ، ومجازر كوسوفا منكم ببعيد .

قلب طرفك في الفلبين حاربوهم وأبادوهم ، قتلوهم وهجروهم ، وكذلك فعلوا في أريتريا و في أندنوسيا وتأمل حال المسلين في كشمير . وتابع أخبار الوثنيين اليوم في الشيشان ، يرتد إليك طرفك خاسئاً وهو حسير . إننا لم نعد نفيق من فاجعة ، حتى تحل بالمسلمين كوارث وكوارث . قطع لرؤوس الرجال ،وبقر لبطون الحوامل ، و افتضاض للأبكار من بنيات المسلمين .

أيها المؤمنون بالله ورسوله إن قلوب الصليبيين التي أبغضونا بها لا تزال في صدورهم ، وإن أسلحتهم التي حاربوانا بها لا تزال في أيديهم ، إن الحقد الذي أعماهم يوم حاءونا غزاة مستعمرين ، لا تزال تغلي مراجله في صدورهم . إنه يصافحك باليد المتلطخة بدم أخيك المسلم .

إن عداءهم لنا عداء عقيدة متمكن في النفوس ، غائر في الصدور .

إن المعارك التي يخوضها أعداء الإسلام من النصارى الصليبين ، واليهود الغاصبين ، والهندوس االوثنيين ، والروس المعتدين ، إنها في حقيقتها معركة عقيدة ودين ، فليست المعركة هنا أو هناك معركة أرض ، ولا مراكز عسكرية ، ولا أعراق مختلفة ، إنهم يزيفون علينا لغرض في نفوسهم دفين ، ليخدعونا عن حقيقة المعركة وطبيعتها ، ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ بينما السذج من المسلمين يحسبون أنها مصالح شخصية ، أومعركة طائفية ، لا علاقة لها بالمعركة المشبوبة ، مع هذا الدين . وإن التاريخ ليشهد بذلك والواقع شهيد عليه ، فقل لي بالله عليك من كان يجالد المسلمين بالسيوف يوم بدر ، يريد ذلة الاسلام وأهلة ، أليس المشركون ، ومن كسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشق وجنته يوم أحد ،اليس المشركون ، ومن حاصر المسلمين في المدينة ، حتى زاغت أبصارهم ، وبلغة القلوب الحناجر ،وزلزلوا زلزالا شديدا ، ومن صادم المسلمين في القادسية و اليرموك ، ليصدهم عن نشر دين الله ، والتمكين له ودعوة الناس إليه ، أليس المشركون .

إن عز هذه الأمة ورفعة أهل الحق ، لا تتم ولن تكون إلا بالعض بالنواجذ على هذا الدين ،عقيدة وشريعة ، صدقا وعدلا ، إحلالا للحلال ، وتحريما للحرام ، ثبات في الموقف ، وقوة في الولاء والبراء ، لا يزعزعه تهديد ولا إغراء .

إنه لا عجب في أن يكذب اليهود والنصارى بالقران الكريم ، ولكن العجب كل العجب فيمن يقول من الغافلين من المسلمين : إن اليهود والنصارى يحبوننا ، ولا يكنون لنا العداوة والبغضاء , والله تعالى يقول ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ .

العجب كل العجب فيمن يقول من المخذولين من المسلين : إن اليهود والنصارى يحترمون ديننا ويعظمونه ، والله تعلى يقول ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا ﴾ .

الخطبة الثانية:

لعلنا نتساءل فنقول : فما دوري ودورك ، في عالم يموج بالفتن والحروب ، وماذا أفعل وقد ادلهمت الخطوب ، وعظمت الكروب . فأقول مستعيناً بالله ، إن علينا واجباً عظيماً أوجزه في النقاط التالية :

أولاً : احياء عقيدة الولاء والبراء في نفوسنا واسمعوا قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ .

و الواجب الثاني : التأمل في واقع بيوتنا ومصانعنا وشركاتنا ، إنها تعج بالعمالة الكافرة ، أليس في ذلك دعماً لاقتصادهم ، أليس في ذلك عز لهم ، أليس فيه ذل للمسلمين ، فلماذا التهاون بهذا الأمر ، وربما اعتذر بعض السذج من المسلمين ، بأنهم أمهر من المسلمين ، وأصدق من المسلمين ، ولا يحتاجون إلى حج أو عمرة ، ألا يكفي أنه عدو لله ، ألا يكفي أنه يدين بدين غير دينك ، ﴿ يُّرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ ﴾ والله لو تمكنوا منك ، لساموك سوء العذاب ﴿ لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً ﴾

الواجب الثالث : لدعاء لإخواننا المسلمين بالنصر والتمكين ، وندعو على عدونا بالخسران المبين . ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾

الواجب الرابع : المال فندعم إخواننا المجاهدين بالمال .

الواجب الخامس : دراسة تاريخ القدس والمعرفة التفصيلية بالقضية وربطها بجذورها الإسلامية .

الواجب السادس : تربية الأبناء على عداوة الكفار ، وترسيخ الولاء للمؤمنين ،