أخطار تهدد المجتمع _ خطبة عيد الفطر 1440هـ

أخطار تهدد المجتمع _ خطبة عيد الفطر 1440هـ - الخطبة الأولى

فهنيئا لنا هذا اليوم السعيد، يوم أمرنا فيه بالفرح بنعمة الله علينا، بإتمام الصيام، والإعانة على القيام، آملين من مولانا القبول، راجين أن نكون ممن صام رمضان وقام ليلة القدر إيمانا واحتسابا.

عباد الله : هنيئا لعبد عرف حق مولاه فأداه، وعرف حق نبيه فاتبعه، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقام بحق الشهادتين، فصرف العبادة كلها لله، وجرد الاتباع لرسول الله، هنيئا لعبد أجاب داعي الله يوم أن دعاه ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ ففاز ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ، وَصَلاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ ،وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ» هنيئا لعبد علم أن الله افترض عليه زكاة يسيرة، يخرجها من فضل الله، حين أوجبها الله ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ فسارع لإخراج زكاة ماله كل عام، طيبة بها نفسه، وهنيئا لعبد علم أن الله افترض عليه صوم رمضان حين قال ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ ففرح بأمر الله واستجاب له ،ففاز ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» وطوبى لعبد استجاب لنداء الله يوم قال ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ فانطلق صوب البيت الحرام، ملبيا على الفور، غير مسوف ولا متكاسل، فانتظم في سلك من بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ» هنيئا لعبد بر والديه فلم يقل لهما أف ولم ينهرهما، ووصل الأرحام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، وابتعد عن الحرام، وبالمعروف أمر، وعن المنكر نهى.

عباد الله : لقد قامت هذه البلاد بحمد الله منذ نشأتها على التوحيد، بإفراد الله بالعبادة، واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم الدليل والأخذ به، وفهم الأدلة كما فهمها السلف الصالح ،من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، ومن سلك طريقهم من الأئمة الأعلام، ذوي الحجى والأفهام.

أيها المسلمون: ومع تعاقب الأيام ،نشأت جماعات منحرفة، وأحزاب ضالة، في مجتمعنا ،على حين غفلة من أهلها الطيبين، انخداعا بمظاهر قادتها وحملة لوائها، بالرغم من تحذير من أنار الله بصائرهم، لكنهم اتهموا بأنهم عملاء مأجورون، وحاقدون على الدعاة، حتى أظهر الله زيفهم، وكشف باطلهم، وفضح أمرهم، فبدأت تتساقط رؤوسهم، ويعلنون الاعتراف والاعتذار.

عباد الله: وفي هذه الأثناء ظن الليبراليون أن الساحة قد خلت لهم، وأن الزمان زمانهم، والفرصة في أيديهم، فأجلبوا بخيلهم ورجلهم، وامتطوا صهوة الإعلام، يلمزون المطوعين من المؤمنين، ويشككون في ثوابت الدين، ويطعنون في كتب صحاح السنة، ويتهمون الدعوة السلفية، وينسبون لها داعش والخوارج، في محاولة لتنفير الناس منها ومن دعاتها، ويبرزون المرجئة والملحدين والليبراليين، والمتساهلين في الفتيا، الباحثين عن غرائب المسائل، على أنهم العلماء والمفكرون، وصفوة المجتمع والمبرزون، يرددون الحرية مقدمة على الشرع، في دعوات صريحة للتحلل من قيود الشرع، والتزهيد في حب البلاد، والوفاء بالعهد لولاة أمرها، فمن دافع عن بلاده ودينها، وقيمها وأخلاقها الرفيعة، وعاداتها السامية، سموه وطنجيا منافقا، متناسين أو جاهلين أن حب الأوطان غريزة فطرية، بين الله شدة تعلق النفس بها بقوله عز وجل ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ فقرن سبحانه وتعالى إخراج العبد من وطنه، بإخراج روحه من جسده، فهل يلام المرء على حب وطنه ،القائم على الشريعة وحماية الحرمين، وهل يستنكر دفاعه عنها، وفي سعيهم الحثيث لتغريب المجتمع ،أصبحوا يبرزون للشباب قدوات هابطة، في وسائل الإعلام، وشاشات التواصل الاجتماعي، حتى أضحى الفاشلون والبطالون والسذج، رموزا ومشاهير، بهم يقتدي الشباب، وعلى خطاهم يسيرون، وقل تأثير العلماء والعقلاء، والقدوات الحكماء ،وفي هذا خطر عظيم على مستقبل البلاد وحاضرها. فاللهم ..............

أخطار تهدد المجتمع _ خطبة عيد الفطر 1440هـ - الخطبة الثانية

من أعظم أسلحة الليبراليين، الساعين لتغريب المجتمع، استنادهم على ما يسمى بالجمعيات الحقوقية، التي تسعى لفرض حقوق غربية الهوى، منفلتة من القيود، يفرضون حقوقا جائرة للملحدين والمرتدين عن الدين، وحقوقا للشواذ والمخنثين، بل وحقوقا للحيوانات المؤذية، وحقوقا للقتلة والمجرمين، وحقوقا للمرأة مخالفة للشريعة ،يسعون من خلالها لزعزعة القيم، والقضاء على الفضيلة، وهدم الأسر المتمسكة بشرع ربها، وكأن الشرع لم يكفل للمرأة حقها، الذي يحفظ منزلتها وكرامتها، ففي نظرهم كل له حقوق إلا الرجل وإلا الزوج وإلا الأب، فهؤلاء وحدهم هم أعداء الإنسانية، يشنون حربا شعواء على الرجل، يريدون أن يسلبوه حقوقه المشروعة، فلا سلطة له في بيته ولا على زوجته ولا على أولاده

عباد الله: المرأة المسلمة حقا، المتبعة للدليل صدقا، تعرف مالها وما عليها، ولا تتنكر لما جبلها الله عليه، من الحاجة للرجل، وترضى بما قسم الله لها وتعلم أنه خير لها ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾  فخير لها أن تتفرغ لتربية الأولاد والعناية بالنشئ ،والقرار في البيت كما أمرها ربها وهو أعلم بما يصلحها ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ومن وسائلهم: الاستهزاء بالقيم والعادات التي لا تنافي الشرع، فإذا لبس الشاب والبنت لباس آبائهم وأمهاتهم، وتحلوا بطيب أخلاقهم، كالكرم والشهامة ،والغيرة على الأعراض، سموه منغلقا رجعيا ظلاميا، لأنهم يعلمون أنه كلما ابتعد الابن عن طباع والديه ومجتمعه، ازدادت الفجوة، واحتقر أهله وقومه، وزهد في دينه وقيمه، ولج في البحث عمن يظنه القدوة والأسوة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام «من تشبه بقوم فهو منهم».

عباد الله : أصبحنا اليوم نرى بعض آثار هجمات الليبراليين المنظمة المدعومة، فلقد استجاب بعض من استزلهم الشيطان، وراجت عليهم بضاعة الأعداء، فظهرت المستهينات بالحجاب، الكاشفات للوجوه، الرافعات للصوت في الأسواق، حتى رأينا بنت هذه البلاد ،عاملات في المطاعم، وبائعات في محلات مواد البناء، في مناظر تقشعر منها جلود من ارتفعت رؤوسهم بالانتساب لهذه البلاد، وتلك تخرج من بلادها، بدون علم أهلها، زاعمة أنها معنفة، طالبة الخلاص من سلطة والدها، الذي رباها ورعاها، وانفق عليها وأحسن إليها، بحثا عن الحرية المزعومة، هربا من العبودية لله ،فتقع في عبودية الهوى والشيطان، وتصبح فريسة لأصحاب الشهوات، وهؤلاء بحمد الله كالشعرة السوداء، في جلد الثور الأبيض، وإلا فعامة المجتمع رجالا ونساء، كبارا و صغارا، على الدين والفطرة باقيين، وبتعاليم الشرع متمسكين ثابتين.

عباد الله : هذه البلاد قامت بفضل الله على التمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وهذا ما يفاخر به ولاة هذه البلاد وفقهم الله، ويؤكدونه في كل مناسبة، نحن أمة وسط ، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا جفاء، ولا تشدد ولا انحلال ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ الوسطية التي بينها الله في كتابه، ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.