تفجير القديـح

تفجير القديـح - الخطبة الأولى

 

فلقد قامت هذه البلاد بحمد الله على أسسٍ ثابتة، وقواعدَ متينة، أساسُها كتابُ الله وسنةُ نبيه عليه الصلاة والسلام، بفهم سلف الأمة، فهي في هذا الزمان تمثل النموذج الأفضل في اتباع الهدي الرباني في الحكم والتحاكم، والتربية والتعليم، وسائر مناحي الحياة، فتدريسُ التوحيدِ الخالص والسنةِ الصحيحة في مساجدنا ومدارسنا، ومعاهدنا وجامعاتنا، ولا تجد في بلادنا قبرا يعبد، ولا وثنا يمجد، ولا كنائس ولا معابد، ما هي إلا المساجد، الصلاة فيها قائمة، وبالعبّاد عامرة، ولا تجد في بلادنا حانات للخمور، ولا دورا للفجور، ولا شواطئ للعراة، ولا حقوقا للمثليين، وشعيرةُ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر قائمة، مما لا يوجد له مثيل على وجه الأرض اليوم، ولا ندعي العصمة والكمال فالتقصير من طبيعة البشر. فكان نتيجة ذلك أمن وارف، ورزق رغيد، فأطعمنا الله بعد الجوع، وآمننا بعد الخوف.

عباد الله: هذه المظاهرُ المشرقة؛أقضت مضاجع الأعداء، وحركت الغيرة في نفوس المرضى، فأخذوا في رسم المخططات، وتنفيذ المؤامرات، وتحريك الخلايا، والسعي الحثيث لإثارة الفوضى، من داخل البلاد وخارجها، جيشوا أتباعهم، وجندوا الأغرار، وامتطوا ظهور الأحداث، وسلكوا مع كل طائفة سبيلا يناسبها، فقوم أغروهم بالمال ، وأغدقوا عليهم من ملذات الدنيا، وقوم أثاروا في قلوبهم الشبه، وأوهموهم بكفرِ حكام هذه البلاد، وكفرِ رجال أمنها، وكفرِ العلماء المدافعين عنهم، وكفرِ الشعب الساكت عن كل ذلك، فخلصوا إلى تكفير أهل هذه البلاد كافة، ووصل التكفير إلى آبائهم وأمهاتهم، ممن لا يقرهم على منهجهم الخبيث، فاستحلوا الدماء، واستباحوا الأموال والأعراض.

عباد الله: من تأمل في قائمة الخوارج الأخيرة؛يدرك أن الأمرَ جلل، وأن المصابَ عظيم، والخطرَ داهم، ما لم يتكاتف المجتمع مع ولاة أمره، وعلمائه المخلصين الصادقين الناصحين، وإلا فإن اتباعهم في ازدياد، وفكرهم في انتشار، فلقد وصل تأثيرهم لصغار السن والنساء في البيوت، ناهيك عن الشباب.

عباد الله: لا تكفي الجهود الأمنية وحدها للتصدي لهذه الفتنة ، والوقوفِ في وجه هذا الطوفان، فكلنا للتوحيد جنود، وللدين حماة، وعلى كل منا مسؤولية.

فيا أيها الآباء والأمهات: أنتم عماد المجتمع، وحصنه الواقي، فاعتنوا بتربية أولادكم، أصِّلوا في أنفسهم حب التوحيد والسنة، وحب من يلتزمها ويدعوا إليها، وبينوا لهم فضل التوحيد وآثاره في الدنيا والآخرة، وحببوا ولاة أمره إلى قلوبهم، وعلموهم مقتضيات البيعة للإمام في المنشط والمكره، حذروهم من علماء السوء، ومدعو الإصلاح، ذكروهم بما ينعمون به من أمن ورخاء، واتركوهم يقارنون بين ما نحن فيه وبين من حولنا من الديار، وكرروا ذلك في كل مناسبة، تعرفوا على رفاقهم، قلب جوال ولدك بين الفينة والأخرى، اطلع على رسائله، تأمل من يتابع في حسابه في تويتر وغيره، واحذر ثم احذر ثم احذر أن أنت أهملت ذلك؛أن ترى اسمه في القائمة القادمة.

ويا أهل بلدة القديح: ممن فجعوا بهذا العمل الإجرامي، اعلموا أن هذا منكر عظيم، يحرمه الدين؛وتأباه الفِطَر السليمة، قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جميعًا﴾ ولتعلموا أنكم لستم المقصودين بهذا العمل الشنيع، لأن الشيعة بجوارهم في العراق وفي الشام وفي اليمن، وما سمعنا أن داعش قصدت قتل الشيعة، أو نحر النصيرية، أو تعذيب الحوثيين، فسهامهم تتوجه نحو صدور أهل السنة في كل مكان، وإن فعلوا شيئا من ذلك فهو لهدف إثارة الفوضى، وذر الرماد، وشق الصف، وهم يعترفون أن كبار قادتهم اليوم في إيران، فهي الحامية لقادتهم، الراسمة لخططهم، الموجهة لتحركاتهم، وما هم إلا دمى تتلاعب بهم تنظيمات دولية، واستخبارات عالمية. ولقد أصيبت قبلكم مكة والمدينة والرياض والخبر، و عانى الجميع من غدر هذه الطغمة الفاسدة، بل وكثير من رجال الأمن كانوا ضحايا لبعض الغلاة منكم ومنهم، فلم نطالب بلجان شعبية تحمينا، ولا نزعنا يدا من طاعة الإمام، ولا اتهمنا الحكومة بالتقصير، ثقوا بأن المقصود تخريبُ هذه البلاد، والسعيُ لزعزعة أمنها، وإثارةِ النعرات، وتفتيتِ المجتمع، فلا يستخفنكم أقوام لبلوغ أهدافهم، وتحقق أمانيهم. فنتم هنا تنعمون بكل الحقوق، وتتقلبون في الأمن، فلا تخربوا بيوتكم بأيديكم.

تفجير القديـح - الخطبة الثانية

 

الحمد لله:

فإلى رجال الإعلام، وحملة الأقلام، والمعلمين والمعلمات، والمصلحين والدعاة، ومدرسي الحلقات: اعلموا أنكم تحملون أمانة عظمى، وتؤدون رسالة سامية، عقول الشباب بين أيديكم، منكم يتلقون التوجيه، بكلامكم يقتنعون، وبأفعالكُم يتأثرون، فكونوا نعم القدوات، وقدِّروا ما وهبكم الله من المكانة، وما حمّلكم من الأمانة، ادعوا الشباب إلى الاعتصام بكتاب الله، وسنة مصطفاه، بفهم السلف الصالح، وحببوا إليهم ولاة أمرهم وبلادهم، وذكروهم بما عليهم من الواجبات، ومالهم من الحقوق الشرعية، وحذروهم من مواقع الفتن، وعلموهم أن يد الله مع الجماعة، وأن عليهم لولي أمرهم السمع والطاعة، في غير معصية الخالق جل في علاه.

وإلى بعض من ينتسبون إلى الدعوة، ويدّعون الغيرة على الدين؛الذين ينتقون إنكارَ المنكرات، فإن كان قائلُ المنكر أو فاعلُه واحدا من حزبهم، أو قطبا من أقطابهم، ولو كان المُنْكرُ سبَّه لبعض الأنبياء، أو طعنَه في بعض الصحابة، أو استهزاءه بحديث، أو تحريفَه لآية، أو إنكارَه لحكمٍ من أحكام الشريعة، فمصلحةُ الحزب تقضي السكوتَ عنه، أو تبريرَ أفعاله وأقواله، وإن كان قائلُ نفسِ المنكر أو فاعلُه؛من خارج التنظيم، اشرأبت الأعناق، وانتفخت الأوداج، وارتفعت الأصوات، وعلا هدير الإنكار، أيها المتلونون: يا من كنتم تثيرون الشباب، وتزجون بهم في منظمات تدعي الجهاد، وتشجعونهم على ذلك، فلما تلطخت أيديهم بالدماء، وتشربوا رؤيةَ الأشلاء، والسعيَ في الفتن، تبرأتم منهم بعد ذلك، بعد أن تركتموهم حطبا لنار أججها أعداءُ الإسلام، وشاركتم في وقودها، يا من ناصحكم الراسخون في العلم عن سلوك تلك السبل، وحذروكم من الوقوع في الفتن، فكان ردكم ﴿أَلاَ فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ يا من تُنكِرون الصبر على جور السلطان، وتأمرون بالصبر على دمار الخروج على السلطان للأوطان، اتقوا الله يا من نصّبتم أنفسكم دعاةً ومربين، اتقوا الله في عقيدة هذه البلاد وفي شبابها، وبناتها وشيوخها، اتقوا الله في أمننا والتفافنا حول علمائنا وولاة أمرنا، أيسرُّكم أن نكون كالعراق، أترضون أن نكون كسوريا، أتحبون أن نكون كاليمن، اتقوا الله لا تكونوا معاول هدم لمجتمع بني على حب التوحيد، وحب منهج السلف الصالح، وعلى مكارم الأخلاق، لا تشقوا الصف، لا تغرقوا السفينة، لا تقسمونا إلى أحزاب وجماعات، فنحن على عقيدة السلف سائرون، فكونوا معنا على نفس المركب، الذي شيده محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ورُكّابه الصحابةُ والتابعون وتابعوهم إلى يومنا هذا، لا تستوردوا لشبابنا أفكارا بشرية؛الأصل فيها النقص والضعف، والتناقض والاضطراب، أصلحوا ما أفسدتم قبل أن تلقوا ربكم بدماء سفكت ظلما، وأعراض قذفت جورا.