خطر الرافضة على بلاد التوحيد

خطر الرافضة على بلاد التوحيد - الخطبة الأولى

الجماعة منَعَة، والفرقة مَهيَعة، الجماعة لُبّ الصَّواب، والفرقة أسُّ الخراب، الفرقةُ بادرةُ العِثار وباعثةُ النِّفار، تحيلُ العَمار خرابًا، والأمنَ سرابًا.

أيها الناس، دين الله تعالى واحد، وهو الحقُّ والنور والهدى، والصراط المستقيم الذي يوصِل إلى رضوانه والجنة، وأديان الشيطان كثيرة، وهي الباطل والضّلال والظلمات، وهي ما عدا الحقّ الذي فرضه الله تعالى على عباده، وبلَّغته رسله عليهم السلام ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾.

عباد الله : إن أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون في هذا العصر ـ بعد تفريطهم في دينهم وكثرة معاصيهم ـ ركونُهم إلى أعداء الله تعالى والوثوق بهم وجعل مصيرهم بأيديهم والاغترار بالشعارات المضلِّلة التي خدَّرت المسلمين وأقعدتهم عن إعدادِ العدّة لهذه الأيام العصيبة، كالشعارات الإنسانية، وحوارات الأديان، وتقارب المذاهب، والوعود الكاذبة، والأماني الخادعة، بانتهاء عصورِ الحروب، والمحافظة على السِّلم العالمي، والوفاق البشري، وحقوق الجوار؛ حتى غلّوا أيدي المسلمين عن التصنيع والتسليح والتجنيد، وحالوا بينهم وبين أسبابِ القوّة، في الوقت الذي يعمَل فيه غيرهم على تحقيق أهدافهم، ويسعى الصفويّون الباطنيّون لإعادة أمجاد الدولة الفارسيّة وامتلاك القنبلة النوويّة،

عباد الله : ما إن قامت دولة الرفض في العراق فإنّ أوّل عمل قاموا به العزم على إفراغ العراق من السنّة بالقتل والتهجير، ولإحلال الباطنية مكانهم، وأحيَوا ما فعله أجدادُهم الصفويّون من قبلُ بأهل السنة في إيران، ويعِدون بالمزيد من المذابح والتقتيل الطائفي، فكم مِن عِرضِ حُرَّةٍ مُسلِمةٍ انتهكوه، وَكم مِن دَمِ مُسلمٍ بدون ذنب سَفَكُوه، وَكَم مِن أسيرٍ أسروه، وقد أعلن المتنفِّذون منهم في العراق عن مشروعهم الطائفيّ، حين ظهر كبيرٌ من شياطينهم وما فيهم كبير يقول: "إنّ الشيعة ظلِموا أربعة عشر قرنًا، وآن لهم أن يأخذوا حقَّهم"

عباد الله، لَقَد بَدَأَ فَحِيحُ هَؤلاءِ الأَفَاعِي يَعلُو مِن جَديد، وأطلُّوا برُؤوسِهِم ليَرسُمُوا خَريطة المَنطِقَةِ ؛ وَهُم يَتهيّئُونَ لِورَاثةِ الأرضِ، والسيطرةِ على البلاد، فهذا رأس من رؤوسهم وكلهم أذناب، يقول قبل أيام يجب أن نطالب بحكم ذاتي في البحرين الكبرى، أتدرون ما البحرين الكبرى عندهم ؟ إنها الكويت والمنطقة الشرقية وقطر والبحرين والإمارات وعمان، وفي الجمعة الماضية خطب خطيبهم في الأحساء، مستنكرا دفاع رجال الأمن عن أنفسهم، ومؤلبا لعامتهم بخطبة مبطنة بالحقد، وهو الذي فتحت له الأبواب، وشرعت له وسائل الإعلام، وظن بعض الغافلين من أهل السنة أنه صديق حميم.

عباد الله :الرافضة هم هم، لا يحيدون عن آرائهم، ولا تتغير مواقفهم، فعداؤهم لأهل السنة قديم، ومستمر وإن أظهروا في بعض الأحيان اللين. يوالون كل أحد في سبيل القضاء على أهل السنة، يقول شارون في مذكراته: "توسعنا في كلامنا عن علاقات المسيحيين بسائر الطوائف الأخرى لا سيما الشيعة والدروز، وأنا شخصيًا طلبت منهم توثيق الروابط مع هاتين الأقليتين حتى إنني اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة، ولم أر يوما في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد" انتهى كلامه.

والعجب كل العجب من بعض من يدّعون العلم ومعرفة فقه الواقع، ويُصدَّرون في الإعلام والصحافة على أنهم مفكِّرو الأمة ومحلِّلوها، حين كانوا يخدعون الأمة ويتَّهمون كلَّ ناصحٍ ومحذِّر من الخطر الباطنيّ بأنه عدوّ للوحدة الوطنية.

فلعل في هذه النوازل العظيمة والوقائع المتسارعة عبرةً لأولي الأمر من المسلمين، حتى يعرفوا أعداءهم، ويميّزوا بين الناصحين، وبين أهل الخيانة والغشّ والتدليس. ولعل فيها موعظةً لعموم المسلمين حتى يصلحوا ما بينهم وبين الله تعالى، ويتوبوا من ذنوبهم، ويلجؤوا إلى ربهم، فما أحوَجهم إلى عون الله تعالى ومددِه وعافيته وحفظه وتسديده وتثبيته، في وقت وقعوا فيه بين فكَّي المشاريع الصهيونية والطموحات الصفويّة الفارسيّة. ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾.

خطر الرافضة على بلاد التوحيد - الخطبة الثانية

 

فإلى كل رافضي أو ليبرالي، أو مستغرب شهواني، نقول لهم إن كانت قد أعمت أعينكم أنوار التوحيد في هذه البلاد، وأزعجتكم أصوات المآذن، وأقلقكم رجال الحسبة، وحالوا دون بلوغكم ما تريدون، إن كان قد أقض مضاجعكم حجاب النساء، وأطار من أعينكم إنكار المجتمع للاختلاط، وأقلقتكم حلقات التحفيظ في المساجد، فالحقوا بمن يحقق لكم رغباتكم، بعيدا عن هذا المجتمع المحافظ، دعوه يستنشق عبق التوحيد الخالص، ويستنير بأنوار النبوة، ويسير على جادة السلف الصالح، وينعم في بلاده بشرع ربه، والحقوا بأسيادكم في قم والنجف وكربلاء، إن كنتم غير مقتنعين بالمفتي والفوزان، فالحقوا بأهل العمائم في طهران، ويامن تطالبون بالحرية المطلقة وقد أزعجتكم حدود الإسلام، اذهبوا فتكبلوا بقيود الشيطان، في مواخير الخناء، ودور الزناء، في بلاد الإباحية، والحرية الفكرية، ويامن تتشدقون بالمطالبة بالليبرالية، فتسبون الله ورسوله، وتستهزؤون بشرعه، وتعبثون بحدوده، ابحثوا عن أي أرض تقلكم، أو سماء تظلكم، بعيدا عن هذه البلاد وأهلها، فقد رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، لا يحيدون عن هذه الجادة، ولا يرضون بغير هذا الطريق، وقد صرح بذلك ولي أمر هذه البلاد وولي عهده في أكثر من مناسبة، أن لا قيام لهذه الدولة إلا بالإسلام ولا جادة لها غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن سار على نهجهم من السلف الصالح، فإما ن تكونوا مثلنا، أو تتركوا بلادنا، أو تبقون بيننا خاضعين لأحكام ديننا.

عباد الله: إنّ هذه القلاقلَ والبلابل إنما تُدفَع بالتوبة والاستغفار، وتُرفَع بالتضرُّع والافتقارِ والإقلاع عن الذنوب والأوزار، فالأمنُ بالدين يبقَى، والدين بالأمن يقوى، فاحتَموا من المعاصي مخافةَ البلاءِ كما تحتمون بالطيّبات مخافةَ الداء، فلم يُبتَل المسلمون اليومَ بنقمةٍ نازلةٍ ولا بنعمةٍ زائلة ولا شدّةٍ ولا كارثة إلا بسببِ فُشوِّ المعاصي وظهورِ المنكَرات وانتشارِ المحرّمات بلا نكيرٍ ولا تغيير، ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.