الذبيح ، ودروس الحج

بسم الله الرحمن الرحيم

دروس الحج وقصة الذبيح

الحمد لله

فهذا يوم الحج الأكبر ، والموسم الأشهر ، جعله الله عيداً للمسلمين ، وشرع فيه ما شرع من شعائر الدين ، تزكية للنفوس ، وتبصرة للعقول ، وتحسيناً للأعمال ، يريد أن تأتيه الأمة طائعة ملبية ، ممتثلة مستسلمة ، لا تتقدم بين يديه ، ولا تتألى عليه ، من الحج دروس مستفادة ، يتوقف عندها المسلم متأملاً ، ومن عبرها مستلهماً ، يعلم أن لله في كل شيء حكمة بالغة ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها ، قال ابن القيم - رحمه الله - فإن الشريعة مبناها وأساسها ، الحكم ومصالح العباد ، في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وما دمنا في الحج وأيامه ، فسيكون الحديث عن بعض الدروس المستفادة من الحج .

فمنها : إقامة ذكر الله ،﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ﴾ ، وفي مزدلفة ﴿ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ ، وعند الذبح ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ﴾ ، وهو يتنقل في المشاعر يلهج لسانه بالذكر والدعاء والتلبية ، ثم إذا قضى حجه ﴿ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ .

ومنه دروس الحج : الاستسلام والامتثال لأمر الله ، فلا تقديم للعقول والأهواء في مقابلة النصوص ، فالطواف سبعة أشواط ، والسعي كذلك ، والابتداء بالطواف من الحجر الأسود وتقبيله ، والسعي من الصفا ، والرمي بسبع حصيات ، وغيرها من أعمال الحج ، تفيد المسلم التسليم لشرع الله ، وقف عمر أمام الحجر فقال : أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك

ومن الدروس : تعلم حسن الخلق ، والصبر على المشقة ، احتساباً للأجر ، وقربة لله رب العالمين ، لما في الحج من الزحام ، وكثرة التنقل في المشاعر ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ .

ومن الدروس : مخالفة المشركين : فقد كانت قريش لا تقف في عرفات بل في مزدلفة ، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف في عرفة ، وكانوا يخرجون من مزدلفة بعد طلوع الشمس ، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها قبل طلوع الشمس .

ومن الدروس : تذكر الكفن بالإحرام ، والحشر بكثرة الزحام . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا 00000000000000 أقول ما تسمعون

الخطبة الثانية :

فحري بنا أن نتذكر عهد إمام الموحدين ، وأبي الأنبياء والمرسلين ، إبراهيم الخليل عليه وعليهم الصلاة والسلام أجمعين . فقد كسر الأصنام ، وحارب الوثنية ، وقام بدعوة ربه طارحاً ما سواه ، ألقاه قومه في النار ، فما بالى بهم وثبت وصبر ، حتى نجاه الله ، ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ وجعل الذين أرادوا به كيداً هم الأخسرين ، أوحى الله إليه بذبح ابنه فامتثل ، واستشار إسماعيل ، فأجاب وقبل ، فطرحه للذبح ، وأسلما لله في القصد والعمل ، ففداه الله بذبح عظيم ، وترك عليه في الآخرين ، سلام على إبراهيم ، وأبقى الله سنة الضحية ، في الملة الإبراهيمية ، والشريعة المحمدية ، ليتعلم المسلمون التضحية لله بالنفس والنفيس ، وليعلموا أن المسلم من صدق قوله فعله ، يؤمر بذبح ولده بعدما بلغ معه السعي ، وأصبح غلاماً عليماً حليماً ، وعلى حين كبر إبراهيم ، ويذبحه بنفسه ، أليس هذا هو البلاء العظيم ، وإن تعجبتم في موقف إبراهيم ، فلا تنسوا تسليم إسماعيل ، وإذعانه لرب العالمين ، ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ ، ثم يرد الفضل والتوفيق والهداية لله رب العالمين ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ 

اللهم سلم الحجاج والمعتمرين ،