كيد الأعداء لإغواء النساء

بسم الله الرحمن الرحيم

كيد الأعداء لإغواء النساء

أيها المؤمنون الغيورون، كل امرئ عاقل، بل كل شهم فاضل، لا يرضى إلا أن يكون عرضه محل الثناء والتمجيد، ويسعى ثم يسعى ليبقى عرضه حرمًا مصونًا، لا يرتع فيه اللامزون، ولا يجوس حماه العابثون.

يا أولياء الأمور ، إن مسؤوليتكم اليوم قد غدت أكبر من ذي قبل وأشق؛ وذلك أن وسائل الفساد قد كثرت وقويت، ووسائل الإصلاح قد قلت وضعفت، وانتشرت الفتن وكثرت الذئاب ، من العابثين بالأعراض الهاتكين للحرمات؛ تنوعت الفتن ، وتعدد المغريات ، وكثر الدعاة للباطل، وأتيحت وسائل نشر الفساد.

عبادَ الله: أعراض المسلِمين في خَطَر، من قوم تعاظم حِقدهم، واشتدَّ عُدوانهم، ليأتيَ على الفضيلة أعنفُه، وعلى الحِشمة أشنعُه، وعلى الطّهارة أبشعُه؛ لأنّ العِفّة تثيرُ غيظَهم، وتُمضّ أفئدتَهم، وتحرِق قلوبهم. نشؤُوا في حضنِ الإسلام، وتربَّوا في بلاده، فلمّا شبُّوا عن الطّوق، استساغوا علقمَ العِدا، واستحبّوا العمَى على الهُدى، وحمَلوا معاولَ الهدمِ ورفعوا لواءَ الكيدِ والمكر الصُّراح ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ .

عباد الله: نحن في زمنِ إشاعةِ الفاحِشة. تجارةُ الجِنسِ في العالم تقدّر بـ57 بليون دولار في العام الواحد ، منها أربعة ونصف بليون دولار لتجارةِ الجنس عبرَ الهاتف، وأربعة بلايين عبرَ الإنترنت وأقراص الحاسوب، وغيرها كثير، والقادم خطير.

وانتشرت أجهزة المقاطع المصورة، لتعلِن انضمامها إلى مسلسل القذارة في نشر هذه الفواحش، صورٌ ثابتة، وأخرى متحرِّكة، تصوَّر النساء في الأعراس والحفلات، والمدارس والكلّيات، وتركّب على صورٍ خليعة ، ثم يحدث الابتزاز وإرادة هدم البيوت، وهذه طلَّقها زوجها، وأخرى استسلمت للتهديد والوعيد، والابتزاز والتخويف ، ففقدت عذريتها ، وضاع شرفها ، وبعضُهنّ بريئات، وبعضهن ظالمات مفترِيات.

عباد الله : إن مشكلة النساء في هذا الزمن، في التبرج والاختلاط، ونزع الحجاب، واللهث وراء حديث الأزياء، والتسكع في الأسواق، وكل ذلك مما نهى الله عنه ورسوله قال الله تعالى : ﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ وقال تعالى ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ نهى الله النساء أن يضربن بأرجلهن، فيعلم الخلخال الذي تخفيه، فإذا كان الله نهى عن الضرب بالرجل، خوفا من سماع الخلخال المستور، فكيف بمن أظهرت عينيها، وشيئا من خديها، وأبانت يديها ورجليها ، وإن الفتنة بما يرى أعظم من الفتنة بما يسمع وليس الخبر كالمعاينة.

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن» فبيت المرأة خير لها حتى من المسجد، فكيف بغيره، وإن هذا الحديث الصحيح، ليدل على أنه يجوز للرجل، أن يمنع المرأة من الخروج للسوق وغيره، ما عدا المسجد ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، أما منعها من التبرج والتعطر عند الخروج فإنه واجب عليه ومسئول عنه يوم القيامة.

عباد الله : لتتق الله كل امرأة في نفسها وفي أهلها، ولتحذر من بداية الطريق، فإن بداية طريق الهلاك والضياع، نظرة فاتنة، أو كلمة لينة. فإذا خرجت المرأة، فلتخرج لضرورة ملحة، ليس لها منها بد، ولتلتزم بالحجاب الشرعي الكامل، غير متعطرة، ولتحرص على وجود المحرم معها، فإن في ذلك حماية لها من طمع الكلاب البشرية اللاهثة وراء النساء. وإذا احتاجت إلى مخاطبة الرجال من بائع أو غيره فلا تلن له الكلام ﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ ولتحذر من الخلوة برجل لا يحل لها؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» رواه الترمذي. ولتحذر من المكالمات الهاتفية المريبة، فإنها سبب كثير من المصائب اليوم.

عباد الله: الإعلام خطير، وأثره كبير، ولقد استغله من في قلبه مرض ، ومن يتبعون الشهوات، استغلالا بشعا ، لقد درّستنا تلك الوسائل الإعلامية، أن الانحلال حلال، وأن الكفر فِكر يجب احترامه، وأنه لا بد من الاستسلام للفساد، إذا فشا وساد. علمتنا تلك المسلسلات والقنوات، أن الحب قبل الزواج ضرورة، وأن خروج المرأة مع خطيبها في غاية الأهمية، وأنه لا بأس بخروج المرأة كاسية عارية، بملابس فاضحة. علمتنا تلك القنوات أن القوامة تخلّف، وأن الغيرة تسلّط، وأن الحرية والإباحية تحضّر وتمدن. لقد سلبت هذه الوسائل وغيرها من المرأة حياءها، ومن الرجال غيرتهم ورجولتهم، ومن الجميع إحساسهم، وما لجرح بميت إيلام.

اللهم .............................

الخطبة الثانية :

الحمد لله:

من كان منكم في شكّ من تأثير الأعداء وغزوهم للباس نساء المسلمين فليلق بطرفه إلى ما يلبس في الأعراس والأفراح والمناسبات النسائية، حيث شاع لبس الملابس العارية وشبه العارية، الضيقة والمحددة للعورات، المفتوحة والمظهرة للأيدي والصدور والظهور .

لقد ارتفعت أصوات النساء الصالحات مما يواجهنه في حفلات الزواج من لحوم عارية وأجساد مكشوفة بادية، عورات ظاهرة، وموضات فاضحة، بحجة أن لبسها إنما هو بين النساء فقط، ولقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صنف من النساء بقوله: «سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات»، وفي لفظ آخر: «لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا». هذا مصيرُ العاريةِ من خشية الله، العاريةِ من شكر نعمةِ الله، العاريةِ من الأخلاق الكريمة، هذا مصير من تبرّجت وترجَّلت ومرجت وبرزت وتكشّفت وفتَنت وافتُتِنَت.

أيها الرجال الشرفاء، أيها الغيورون النبلاء، ليعلم كل أبٍ وأخ أنه مسؤول أمام الله تعالى عن محارمه، فعليه أن يأمرهن بالمعروف وينهاهن عن المنكر، فإن رأى منهن تهتكًا في اللباس ولو عند محارمهن منعهن من ذلك، فإن قبلن الوعظ وإلا أخذ على أيديهن وقصرهن على الحق قصرا.

أيّها المسلمون، لقد وضَع الإسلام حدًّا وسَدًّا لحمايةِ المرأة من مُعابثة الفُسّاق ومطامِع أهل الرِّيَب والنفاق، وستظلّ بالإسلام في إطارِ الشّرَف والفِخار والإجلال والإكبار، درّةً مصونة وزعيمة شريفة وحرّة عفيفة وشقيقة كريمة. حجابها جمالُها، وسِترها جلالُها، وجلبابُها عِزُّها وكمالُها، مِن الإسلام تستمدُّ هديَها، وبسنّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم تشقُّ طريقَها.

وليخسأْْ دعاةُ الافتراءِ المفضوح وأنصار المذهب المقبوح، فلن تجنيَ المرأة من الاختلاطِ والظهور والتكشُّف والحسُور إلا النّظرات المتلطِّخة والتحرّشات العابثة والاعتداءات الفاحِشة والكلالَ والنكالَ والوبال ﴿وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِياًّ مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً﴾ .

أيّها المسلمون، إنّ حتميَّة الفصلِ الدقيق والعميق بين الرجلِ والمرأة يُعدُّ ضرورةً أخلاقيّة وسلوكيّة واجتماعية وأمنية؛ لأنّ تمكينَ الاختلاط بين الرجال والنساء أصلُ كلِّ بليّة ونقيصة وأساسُ كلِّ شرٍّ ورذيلة، فعن عقبة بن عامر الجهنيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إيّاكم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسولَ الله، أفرأيتَ الحموَ؟ قال: الحموُ الموت» متفق عليه