أشراط الساعة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

أشراط الساعة ( 1 )

الحمد لله خالق كل شيء ، ورازق كل حي ، أحاط بكل شيء علماً ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، أحمده سبحانه وأشكره ، وأتوب إليه وأستغفره ، وهو بكل لسان محمود ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الإله المعبود ، وأشهد أن نبينا محمداً صاحب المقام المحمود ، والحوض المورود ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الركع السجود ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود ، وسلم تسليماً .

أما بعد : فإن الإيمان بيوم القيامة من عقيدة المؤمنين ، وأمر مسلم بوقوعه في نفوس الموحدين ، أمر تكرر ذكره في كتاب رب العالمين ، وتواترت أحاديثه في سنة سيد المرسلين ، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أموراً تقع بين يدي الساعة منذرة بقرب وقوعها ، ومشعرة بدنو حلولها ، وهي ما يعرف بأشراط الساعة أو أماراتها . « فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها »ومن ذلك :

بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : أخبر صلى الله عليه وسلم أن بعثته دليلٌ على قرب قيام الساعة ، وأنه نبيٌ الساعة : ففي الحديث عن سهل رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بعثت أنا والساعة كهاتين » ، ويشير بإصبعيه فيمدهما .

موت النبي صلى الله عليه وسلم : ففي الحديث عن عوف بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اعدد ستاً بين يدي الساعة : موتي .. .. » الحديث . فقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي وقعت على المسلمين ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ؛ أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه ؛ أظلم منها كل شيء ، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي - وإنا لفي دفنه - حتى أنكرنا قلوبنا .

استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال ، فيفيض ، حتى يهم رب المال من يقبل منه صدقتة ، ويدعى إليه الرجل ، فيقول : لا أرب لي فيه » . وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : « ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه » .

ظهور الفتن : وهي جمع فتنه ، وهي الابتلاء والامتحان والاختبار ، ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه ؛ كالإثم ، والكفر ، والقتل ، والتحريق ، وغير ذلك من الأمور المكروهة . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ؛ ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل ، فتزلزل الإيمان . ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، القاعد فيها خيرٌ من القائم ، والقائم فيها خيرٌ من الماشي ، والماشي خيرٌ من الساعي ، فكسروا قسيكم ، وقطعوا أوتاركم ، واضربوا بسيوفكم الحجارة ؛ فإن دخل على أحدكم ؛ فليكن كخير ابني آدم » . وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ؛ قال : نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم :الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمور تنكرونها ، وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضاً ، وتجيء الفتنة ؛ فيقول المؤمن : هذه ، هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ؛ فلتأته منيته ، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر »

ضياع الأمانة : فعن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا ضيعت الأمانة ؛ فانتظر الساعة » . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : « إذا أسند الأمر إلى غير أهله ؛ فانتظر الساعة » . وروى حذيفة رضي الله عنه ؛ قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين ، رأيت إحداهما ، وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة ، وحدثنا عن رفعها ؛ قال : « ينام الرجل النومة ، فتقبض الأمانة من قلبه ، 00000 إلى أن قال : فيصبح الناس يتبايعون ، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلاً أميناً ، ويقال للرجل : ما أعقله ! وما أظرفه ! وما أجلده ! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلماً ، رده الإسلام ، وإن كان نصرانياً رده علي ساعيه ، فأما اليوم ، فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً » .

 

 

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين 000000

قبض العلم وظهور الجهل : ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويثبت الجهل » .. وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يتقارب الزمان ، ويقبض العلم ، وتظهر الفتن ، ويلقي الشح ويكثر الهرج » .

انتشار الزنا : فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من أشراط الساعة . ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أشراط الساعة .. .. [ فذكر منها : ] ويظهر الزنا » . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سيأتي على الناس سنوات خداعات .. .. [ فذكر الحديث ، وفيه : ] وتشيع فيها الفاحشة » .

وأعظم من ذلك استحلال الزنا ، فقد ثبت في الصحيح عن أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير » .

انتشار الربا : وعدم المبالاة بأكل الحرام ، ففي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « بين يدي الساعة يظهر الربا » . وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ليأتين على الناس زمانٌ لا يبالي المرء أخذ المال أمن حلالٍ أم من حرام » .

ظهور المعازف واستحلالها : فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « سيكون في آخر الزمان خسفٌ ، وقذفٌ ، ومسخٌ » . قيل : ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال : « إذا ظهرت المعازف و القينات » . وهذه العلامة قد وقع شيء منها في العصور السابقة ، وهي الآن أكثر ظهوراً فقد ظهرت المعازف في هذا الزمان ، وانتشرت انتشاراً عظيماً ، وكثر المغنون والمغنيات .

كثرة شرب الخمر واستحلالها :ظهر في هذه الأمة شرب الخمر ، وتسميتها بغير اسمها ، والأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها ، وهذا من أمارات الساعة ، فقد روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أشراط الساعة .. .. [ وذكر منها ] ويشرب الخمر » .

فاتقوا الله أيها المسلمون واعملوا بحديث نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث قال : « بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة » رواه مسلم

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ، اللهم أنت الله