اعتداء اليهود على فلسطين ولبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

اعتداء اليهود على فلسطين ولبنان

عباد الله: منذ بزوغ فجر الإسلام، وأعداؤه يحاولون القضاء عليه، بكل ما يستطيعون من قوة ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ﴾ وليست هذه المحاولة من صنف واحد منهم، بل من المشركين واليهود والنصارى و سائر الكفار والمنافقين، استمعوا إلى ما قال الله في المشركين، وهم يفتنون الناس عن دينهم ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ وقال في اليهود والنصارى ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وقال ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداًّ مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ﴾ وقال في سائر الكفار ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ وقال في المنافقين ﴿فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾.

عباد الله: إنه لا يكاد جرح أن يبرأ، حتى تنتكث جراحات أخرى، جهل وحرب، فقر وجوع، تشريد وتهديد، وذلك واضح ومعلوم فيما يقرأ ويسمع ويشاهد، بل قد يقال: لم يعد مستغربا حصول قارعة تنزل بجماعة من المسلمين، أو تحل قريبا من دارهم!

حتى أضحت كثير من بلاد المسلمين يصدق عليها قول الشاعر:

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد *** تجده كالطير مقصوصا جناحاه

دماء المسلمين أرخص الدماء، وديارهم مشاعة لكل ناهب وغاصب، وأخبارهم فاكهة لوسائل الإعلام، وقضاياهم آخر القضايا حلاً وأطولها نفسا.

عباد الله: وبينما أمة الإسلام مثخنة بجرح العراق وما يعانيه أهله، إذ بالجرح الغائر يشتد نزفه، وتسري جنايته، جرح عميق تحكيه الأبصار الشاخصة، والصرخات المدوية، والزفرات الهالعة.

مصيبة عظمى لا يدرى قبلها من دبرها. قتل للأنفس، وسلب للممتلكات، وتشريد وتهديد، فلسطين البلدة المظلوم أهلها.

عباد الله: كيف يكون حال الواحد منا لو رأى صغيره يتضور جوعا، أو يئن مرضا؟ أيهنأ بطعام؟ أيهنأ بشراب؟ أيهنأ بفراش؟! إن رحمة الأمومة والأبوة، تأبى على صاحبها ذلك، بل تأنف العاطفة أن تغمض جفنها، وفلذة كبدها يتضور جوعا، أو يشتكي مرضا.

كيف يكون حال الواحد منا إذا علم بأن عدوا له قد توجه قاصدا بلده؟ أي شعور ينتابه؟ وأي خوف يصيبه؟ فكيف إذا دهمه العدو بغتة وسلب ماله وممتلكاته؟!

كيف يكون حال الواحد منا إذا أخذ بيد صغيره، وبينما هو في غفلة من أمره، انسل الصغير فاختفى عن نظره، ولم يدر أين ذهب أثره؟

قل لي بربك: كيف يكون شعور ذلك الوالد الذي اضطرب نظره وحركته، وأخذ يضرب في كل جهة، وقد علاه الهلع والجزع، لغياب صغيره برهة من الزمن؟! فكيف حال تلك الأم، أو ذلك الوالد، الذي يتخطف الرصاص أولاده على مرأى منه؟!

عباد الله: كيف يكون حال الواحد منا إذا مُسّ عرض محارمه من طرف خفي؟ أيهدأ له بال؟ أيقر له قرار؟

إنه ليعجز البنان، وينعقد اللسان، ويتفطر الجنان، بمجرد تخيله! فكيف بوصفه!

عباد الله: هؤلاء إخواننا في فلسطين، هذا يبكي لفقد أمه، وآخر يصرخ لمقتل ابنه، وثالث يئن لتدمير منزله، ورابع يتوجع من شدة الفزع والهلع.

هدمت المساجد والمدارس، وخربت الممتلكات، وأحرقت المزارع والضيعات.

مصائب تترى ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾.

فنسألك اللهم أن تؤمن روعات إخواننا، وأن تستر عوراتهم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله:

عباد الله: في هذه الأيام يزداد عدوان اليهود على بلاد المسلمين، أولئك اليهود: الذين ما زالوا في عداوتهم الشديدة ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ .

أولئك اليهود: الذين وصفوا الله سبحانه بالنقص فقالوا لعنهم الله ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ أي بخيل لا ينفق، فقال الله ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ فغل الله أيديهم غلا معنويا، بحيث أصبحوا أبخل الناس، لا يبذلون الأموال، إلا إذ كانوا يرجون من ورائها أكثر مما بذلوا.

أولئك اليهود: الذين نقضوا عهد الله من بعد ميثاقه.

أولئك اليهود: الذين قتلوا أنبياء الله بغير حق، وسعوا في الأرض فسادا، والله لا يحب المفسدين.

أولئك اليهود: الذين غدروا بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، ونقضوا عهده.  

عباد الله: إن مما ينبغي أن يعلم: أن دول الكفر بأجمعها قد أقرت ذلك الاعتداء والخزي والعار.

ولذا نصّبوا أنفسهم مدافعين عن المستضعفين – بزعمهم – حتى ينخدع بهم الجهال والسذج.!

وإلا فلو كان أولئك المستضعفون يهودا أو نصارى، فهل يحل بهم ما يحل بإخواننا في فلسطين الآن؟ لا شك بأن دول الكفر ستسارع إلى حسم المعركة في طرفة عين، ومصداق ذلك ما نراه ونسمعه ونقرأه، فلم يحصل أن حدثت مثل تلك المآسي لغير المسلمين.

عباد الله: إن من المشاركة لإخواننا في فلسطين، أن نستشعر مصابهم، فنحزن لحزنهم، ونتألم لألمهم، قال تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ وفي (خ م) قال صلى الله عليه وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك بين أصابعه.

ومن ذلك: أن نخصهم بالدعاء، وأن نضرع إلى الله تعالى أن يكشف البأس عنهم، وأن يهلك عدوهم.

ومن ذلك: أن نخلع لهم من صدقاتنا وزكاتنا، ففي ذلك تخفيف لمصابهم.

ومن ذلك: أن نكون على صلة ومتابعة بما يجري لهم؛ حتى نكون على علم بجميع شئونهم، والتفاعل مع قضيتهم.

عباد الله: ومما ينبغي أن يذكر في هذا المقام، تحذير أولئك الذين يستقدمون العمالة الكافرة، وكذا أولئك الذين يسافرون إلى بلاد الكفر بقصد السياحة، فيدعم اقتصادهم، ويقلل البطالة عندهم، بينما يخسر مسلمون أموالا لإخوانهم هم أحق بها.

وكذلك حرمان كثير من الأيدي العاملة المسلمة، بسبب استقدام من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إن اليهود قالوا فكذبوا، وعاهدوا فغدروا، وخاصموا ففجروا، فاللهم يا ذا الأسماء الحسنى، ويا ذا الصفات العليا، يا من يعلم السر وأخفى، يا من قال ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ اللهم عليكم باليهود الظالمين، اللهم عليكم باليهود الظالمين، اللهم عليكم باليهود الظالمين، وحاميتهم أمريكا، وحاميتهم أمريكا، وحاميتهم أمريكا، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، واجعل الدائرة عليهم، اللهم اجعلهم غنيمة للإسلام والمسلمين.

اللهم أنج المستضعفين من المسلمين، اللهم اكشف مصابهم، وارحم موتاهم، واشف مرضاهم.

اللهم ألبسهم لباس الأمن بعد الخوف، ولباس العزة بعد الذلة.