عيد الفطر 1427هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

عيد الفطر 1427هـ

الله أكبر.............

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه التي لا تحصى، وآلائه التي تترى، ألا وإن يومكم هذا يوم عظيم، فضله الله وشرفه، وجعله عيدًا سعيدًا لأهل طاعته، يفيض عليهم فيه من جوده وكرمه، فاشكروه على إكمال عدة الصيام، واذكروه وكبروه على ما هداكم لنعمة الإسلام، واعبدوه حق عبادته، واتقوه حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. أفردوه وحده بالعبادة، فإنه خلقكم لها ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ .

وها أنتم قد أكملتم بفضل الله صيام شهركم، وجئتم إلى مصلاكم تكبرون الله ربكم، ألسنتكم تلهج بالذكر والدعاء، تسألون ربكم أن يتقبل عملكم، وأن يتجاوز عنكم، وأن يعيد عليكم مثل هذا اليوم، وأنتم في خير وأمن وإيمان، واجتماع على الحق وابتعاد عن العصيان.

عباد الله : إن أعظم نعمة ننعم بها في هذه البلاد، نعمة العقيدة السلفية المستقيمة، تحكيما لكتاب رب العالمين، وتطبيقا لسنة سيد المرسلين، واتباعا لهدي الصحابة والتابعين، صفاء في العقيدة، وإحسان في العبادة، واتباع في المعاملة، إذا جاء الأمر عرضناه على كتاب الله، وسنة مصطفاه، وكيف فهم سلف الأمة أدلته، وتأملنا أقوال علماءنا الراسخين فيه،فما وافقها قبلناه، وما خالفها رددناه، أمة رضيت بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا،علمت أنها تعبد الله، فقدمت مراد الله على شهواتها ورغباتها، ما قدمت العقل على النصوص، ولا الهوى على الدليل، انقادت لشرع الله راغبة، وأتت إليه مذعنة ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاًّ مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ فكثرت الخيرات، وعمت البركات، وانتشر الأمن بعد الخوف، والشبع بعد الجوع، ورغد العيش بعد شظفه،انفتحت علينا الدنيا، وأتتنا وهي راغمة ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ حتى جاء وقتنا هذا العصيب، وبدأ البعض يتنكرون للعقيدة، ويشككون في مصداقيتها، وصلاحها لكل زمان ومكان، بدعوى لزوم التطور، ومواكبة الحضارة، شككوا في مصادرها، ثم ثنوا برموزها، وثلثوا بعلمائها، فتزعزعت ثوابت العقيدة، ورواسخ الشريعة، وأعمدة الدين، فحكموا غير شرع الله، أصبحنا نسمع من يتكلم في نبينا ويلمزه، وفي قرآننا ويتنقصه، طافوا لغير الله ودعوا سواه،ذهبوا للسحرة، وصدقوا العرافين، علماء هذه البلاد عندهم متشددون، وغيرهم متسامحون، ومناهج التعليم عندنا تصدر الإرهاب، وكتب أئمة الدعوة منبع التكفير، دعوا للسكوت عن أهل البدع ، بدعوى توحيد المسلمين، بل دعوا لوحدة الأديان، فكلها من الملك الديان، حلفوا بالأنبياء والكعبة والأمانة يقولون لا تكفروا اليهود والنصارى، ولا تضللوا أهل البدع الحيارى، ولا تفسقوا أهل المجاهرة بالمعاصي، ولا تبدعوا أهل الضلال، دعوا الرافضة يلطمون، واتركوا الصوفية يرقصون، واقبلوا رأي المخالف، وإن صادم عندكم الثوابت، لا تبينوا أخطاء الجماعات الإسلامية، ولا توجهوهم لصفاء العقيدة، وسلامة المنهج، ففي ذلك تفريق لكلمة المسلمين، وفت في عضد أهل الدين، ولكن عليكم بالوهابية، وبأئمة الدعوة النجدية، أصبح البعض يترنح، بين جذب الدين وفطرته، ورغبة الهوى وغلبته، أخلاقنا عنده رجعية، ومبادؤنا تزمتيه، انفتحوا على الثقافات، وتابعوا ساقط القنوات، فتأثروا بأفكار القوم، وتنكروا للدين القويم ، والنهج المستقيم.

الله أكبر.................

أيها المسلمون، أخلصوا لله توحيدكم. الصلاة الصلاة، حافظوا عليها جماعةً، وأدوها في وقتها في المسجد، أدوا زكاة أموالكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيت ربكم، كن داعيًا إلى الله آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، على علم وبصيرة، صابرًا على ما أصابك. وعليكم بصدق الحديث والوفاء بالعهود وإنفاذ الوعود، وإياكم وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ وإياكم والربا؛ فإنه يمحق البركة ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ وإياكم والزنا فإنه عارٌ ، وذلة وصغار ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ وإياكم والمسكرات والمخدرات، فإنها شرٌ ووبال، وندامة وخبال، وغضب لذي العزة والجلال. وإياكم وقول الزور وشهادة الزور، والغيبة والنميمة، وقذف المحصنات؛ فإن الله حرم ذلك بالآيات البينات. وإياكم والمكاسب المحرمة وأموال الضعفاء والأيتام ، فإن ذلك ما خالط مالاً إلا أفسده، ولا دخل بيتًا إلا دمره ونكده. فاقنعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون، ربّوا أبناءكم التربية الإسلامية، فهم أمانة في أعناقكم ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً﴾ سهّلوا أمر الزواج، وأعينوا على إفشائه. ففي ذلك الكفاف والعفاف.

الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

رحل رمضان ولم يبق لنا من رحيله إلا قول ابن مسعود رضي الله عنه "أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك" .

فاهنؤوا بعيدكم، والزَموا حدودَ ربّكم، ففَرَح المسلمين بعيدهم ليس فرحَ لهوٍ تُقتَحم فيه المحرّمات وتنتهَك فيه الحُرمات، ولكنّه فرحٌ شرعي وزينة وعبادةٌ وصِلة، زينوا عيدكم بالتكبير وعموم الذكر، وأدخلوا السرور على أنفسكم وأهليكم، واجعلوا فرحتكم بالعيد مصحوبة بتقوى الله وخشيته، ضمِّد جراح المجروحين، وامسح دمعة اليتيم، وفرّج كرب المكروبين، ويسِّر على المعسرين،يقول صلى الله عليه وسلم : «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار» رواه البخاري.

أيتها المسلمات، اتقين الله عز وجل في أنفسكن، أطعن الله ورسوله، أطعن أزواجكن بالمعروف، كنَّ من الصالحات القانتات، احذرن الألبسة المخالفة لشرع الله التي تظهر الزينة، تخلقي بأخلاق الإسلام، واحذري التبرج والسفور ﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ﴾ .

معاشر النساء، أجبن نداء الله ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ إن خير نساء أحناه على ولدٍ في صغره ،وأرعاه على بعل في ذات يده، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا صلت المرأة خمسها وصامت فرضها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت» قال صلى الله عليه وسلم «ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الولود الودود التي إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى».

احذري الخضوع في مخاطبة الرجال ومخالطتَهم وإبداءَ الزينة لهم، حافظي على عفافك وحجابك وحيائك ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ﴾ احذري دعوات التغريب وسهام التضليل التي يقذف بها الأعداء. احذري تمييع الحجاب, فالحجاب ستر وليس زينة.

أيتها المرأة المسلمة : احذري الاختلاط بالرجال، بدعوى قرابته فقد قال صلى الله عليه وسلم الحمو الموت.

أيتها المسلمة، جعل الله القوامة للرجل ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ ، فكان ذلك تكليفًا له بهذه الأمانة، وإنّ التمرد على القوامة والنشوز دون حق شرعي يعتبر من أعظم الذنوب التي يعاقب الله عليها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح».