الأقصى فضائل وأخطار

بسم الله الرحمن الرحيم

الأقصى

فضائل وأخطار

الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاء على عباده من ظله، وأظهر دينه على الدين كله، أحمده على إعزازه لأوليائه، ونصره لأنصاره، وتطهيره بيته المقدس، من أدناس الشرك وأوضاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به منه إلى السموات العلا، إلى سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .

أما بعد : فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوه يجعل لكم من ضيقكم مخرجاً، ومن عسركم يسراً

أيها المسلمون : خلق الله تعالى كل مخلوق، وفاضل بين مخلوقاته لحكمة أرداها سبحانه وتعالى . خلق البقاع ففاضل بينها، فجعل جزيرة العرب وأرض الشام أفضل البقاع ، ففضل جزيرة العرب بمكة والمدينة، وفضل مكة والمدينة بحرميها، وفضل الشام بفلسطين، وفلسطين بالقدس، والقدس بمسجدها، صلى فيه من الأنبياء داود وسليمان ،ومن بعدهما من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام ، وهو مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء من أرضها، وصلى بالنبيين في مسجدها.

الأقصى هو الثاني في تاريخ بناء المساجد ، كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : «قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : المسجد الحرام، قال : قلت : ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى، قلت : كم كان بينهما ؟ قال : أربعون سنة». رواه الشيخان .

وهو مسجد مبارك، وما حوله مبارك أيضا ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ

ووصف الله تعالى أرض الإسراء بالقدسية فقال على لسان موسى عليه السلام ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾.

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم مسجدها من المساجد التي تشد الرحال إليه للعبادة، فقال صلى الله عليه وسلم «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» أخرجه البخاري ومسلم.

وجعل في الصلاة فيه من الفضائل ما ليس للمساجد الأخرى إلا الحرمين فقال عليه الصلاة والسلام : «فضّلت الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة، وفي مسجدي بألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة».

وعند مسلم أن عيسى عليه السلام يدرك الدجال بباب لد فيقتله،ولد: قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.

عباد الله :لقد عرف قادة المسلمين وأئمتهم منزلة بيت المقدس في الإسلام، ولذا صرفوا له من الهم ما يستحقه منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم .

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرحل من المدينة إلى الشام ليستلم من النصارى مفاتيح القدس بيده، وليباشر الصلح معهم بنفسه، ولم يجعل هذه المهمة لغيره، وأشهد على هذا الصلح كبار القادة من الصحابة، خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. وكان ذلك سنة 15هـ .

وحضر هذا الصلح بلال رضي الله عنه، وأذن في المسجد الأقصى بعد فتحه، كما أذن من قبل في مسجدي مكة والمدينة، وولي القضاء فيها عبادة بن الصامت رضي الله عنه وسكنها إلى أن مات ودفن فيها .

ولقد تقرحت أكباد الصالحين كمدًا مما يجرى في الأرض المباركة في فلسطين الحبيبة, إنه أمر مؤلم وحدث مفزع لكنه ليس الأول, في عصر الإهانات والخيانات, ولن يكون الأخير مادامت أمة الإسلام غارقة في تبعيتها لأعدائها, إنه التهديد والتخطيط لهدم هذا المسجد المبارك من قبل شرذمة قليلة، إنهم اليهود الذين يجتهدون لإطفاء نور الله وإخلاف وعده, ورفع ما خفض الله, وخفض ما رفع الله, وإعزاز من أذل الله، وإذلال من أعز الله .

فنسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم ..............

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة في الله : كما أن لبقعة بيت المقدس منزلة عظيمة عند المسلمين، فلها كذلك منزلة عظيمة عند اليهود والنصارى، ولهم فيها أحلام ونبوءات، ولن يتخلو عنها إلا مكرهين .

ولن يرضيهم ما أخذوه ويأخذونه من الأرض حتى يسيطروا على الأرض كلها، وهذا معلوم من طبائعهم، ومن تجارب الأمم معهم كما نص عليه تلمودهم إذ يقول : أعطني شبراً من الأرض واتركني أجعله لك ألف شبر، ولا تسلني كيف .

أيها المسلمون : قلوب المسلمين وأنظارهم في مشارق الأرض ومغاربها متوجهة هذه الأيام صوب أرض شريفة ومسجد مبارك، قد بورك وما حوله من الأراضي والديار، اليهود وما أدراك ما اليهود، حفنة من البشر، وشذاذ من البلدان، تجمعوا في أرض فلسطين المباركة، بقدر من الله تعالى وحكمة، ومن ورائهم قوى الكفر كلها، من نصارى ووثنيين، على اختلاف ديارهم، وتباعد أقطارهم، تؤزهم أزاً حامية النصرانية، وحاملة لوائها في عصرنا الحاضر أمريكا، التي أغدقت المليارات، على عصابات اليهود، وزودتهم بكل سلاح فتاك، يضمن لهم التفوق العسكري على جميع مجاوريها، وحمت هذه الدويلة بالقرارات اللازمة، من المجامع والمجالس الدولية، وقد تناوب حكام هذه الدويلة ، على الفتك بالمسلمين في فلسطين، وسلب حقوقهم، ومصادرة ممتلكاتهم، فكم قتيل أسقطوه، وكم مخيم للاجئين قد اجتاحوه، وعاثوا في الأرض فساداً، فلم يسلم من شرهم طفل ولا رضيع، فضلاً عن العجوز والمريض، أحرقوا المسجد الأقصى فيما مضى, ونسبوا ذلك إلى مختل العقل معتوه .

أما أعمال الحفر والهدم والتخريب حول المسجد، فهي متواصلة منذ أن وطأت أقدامهم ولا تزال, يسعون لإزالة المعالم الإسلامية وتغير الهوية, وقد بدأوا يجيشون مواطنيهم في هذه الأيام ، ليقوموا بالهجوم على المسجد الأقصى ليقتطعوا جزء من القدس ليقيموا عليه ما يسمى بالهيكل ، وقد بدأوا بخطوات دعائية وإعلامية قوية ضد الإسلام وأهله، تمهيدا للهجوم على المسجد الأقصى المبارك من أجل تهويده .

 فيجب أن يعي المسلمون ذلك ،ويعلنوا أنه لا سبيل لاستخلاص الحقوق، واستنقاذ المغتصبات، إلا حين يعتصمون بحبل الله, ويكونون جميعًا ولا يتفرقون, يصطفّون عبادًا لله إخوانًا، تجمعهم كلمة واحدة ، لا إله إلا الله ؛ ويحققونها قولا واعتقادا وعملاً ، ويعملون بشروطها وأركانها ، على هدي من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفهم سلف الأمة . ثم يكون جهاد مبارك ، على منهاج النبوة ، بشروطه المعروفة عند أهل العلم ، يقرر العلماء الربانيون ، ويقوده الأئمة المهديون ،والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

نسأل الله عز وجل أن يعجل بفرج بيت المقدس وأن يرزقنا الصلاة فيه،وأن يقضي على اليهود ومن شايعهم ومالأهم من النصارى والمنافقين، وهو يوم قادم لا محالة. يوم ترتفع فيه راية الحق ويندحر فيه اليهود ومناصروهم، فقد أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حين قال «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود» أخرجه البخاري ومسلم.