أشراط الساعة

بسم الله الرحمن الرحيم

أشراط الساعة

الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء عنده بأجل مسمى، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو بكل لسان محمود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الإله المعبود، وأشهد أن نبينا محمداً صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود، وسلم تسليماً.. أما بعد :

 فإن الإيمان بيوم القيامة من  عقيدة المؤمنين، وأمر مسلم بوقوعه في نفوس الموحدين، أمر تكرر ذكره في كتاب رب العالمين، وتواترت أحاديثه في سنة سيد المرسلين، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أموراً تقع بين يدي الساعة منذرة بقرب وقوعها، ومشعرة بدنو حلولها، وهي ما يعرف بأشراط الساعة أو أماراتها . ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْراطُهَا﴾ ومن ذلك :

بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : أخبر صلى الله عليه وسلم أن بعثته دليلٌ على قرب قيام الساعة، وأنه نبيٌ الساعة : ففي (خ م) عن سهل رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين»، ويشير بإصبعيه فيمدهما .

موت النبي صلى الله عليه وسلم :   ففي (خ) عن عوف بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اعدد ستاً بين يدي الساعة : موتي ...» الحديث . فقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي وقعت على المسلمين، قال أنس بن مالك رضي الله عنه :  لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ؛ أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه ؛ أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي - وإنا لفي دفنه - حتى أنكرنا قلوبنا  .

استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة :

ففي (خ م) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل منه صدقتة، ويدعى إليه الرجل، فيقول : لا أرب لي فيه» .

وفيهما أيضا عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه» .

ظهور الفتن :

وهي تطلق على كل مكروه أو آيل إليه؛ كالإثم، والكفر، والقتل، والتحريق، وغير ذلك من الأمور المكروهة . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم  أن من أشراط الساعة ؛ ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل، فتزلزل الإيمان . ففي الحديث (حم د جه) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة ؛ فإن دخل على أحدكم ؛ فليكن كخير ابني آدم» .

وعند (م) عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ؛ قال : نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم :الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمور تنكرونها، وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضاً، وتجيء الفتنة ؛ فيقول المؤمن : هذه، هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ؛ فلتأته منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر» .

ضياع الأمانة :

ففي (خ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا ضيعت الأمانة ؛ فانتظر الساعة» . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : «إذا أسند الأمر إلى غير أهله ؛ فانتظر الساعة» .

وفي (خ م) حذيفة رضي الله عنه ؛ قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها ؛ قال : «ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، ....  إلى أن قال : فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال : إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل : ما أعقله ! وما أظرفه ! وما أجلده ! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً، رده الإسلام، وإن كان نصرانياً رده علي ساعيه، فأما اليوم، فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً» .

الخطبة الثانية:

الحمد لله:

قبض العلم وظهور الجهل :

ففي  الصحيحين  عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل» .. وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يتقارب الزمان، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقي الشح ويكثر الهرج» .

انتشار الزنا :

فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من أشراط الساعة . ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن من أشراط الساعة .. .. - فذكر منها :- ويظهر الزنا» .

وأعظم من ذلك استحلال الزنا، فقد ثبت في الصحيح عن أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير».

انتشار الربا : 

وعدم المبالاة بأكل الحرام، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ليأتين على الناس زمانٌ لا يبالي المرء أخذ المال أمن حلالٍ أم من حرام» .

ظهور المعازف واستحلالها :

فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «سيكون في آخر الزمان خسفٌ، وقذفٌ، ومسخٌ» . قيل : ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال : «إذا ظهرت المعازف و القينات» .

وهذه العلامة قد وقع شيء منها في العصور السابقة، وهي الآن أكثر ظهوراً فقد ظهرت المعازف في هذا الزمان، وانتشرت انتشاراً عظيماً، وكثر المغنون والمغنيات .

كثرة شرب الخمر واستحلالها :

ظهر في هذه الأمة شرب الخمر، وتسميتها بغير اسمها، والأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها، وهذا من أمارات الساعة، فقد روى (م) عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من أشراط الساعة .. .. -وذكر منها- ويشرب الخمر».

فاتقوا الله عباد الله واعملوا بحديث نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث قال (م) : «بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة». اللهم إنا نعوذ بك من الفتن.