فضائل الصلاة وحكم تاركها

بسم الله الرحمن الرحيم

فضائل الصلاة وحكم تاركها

الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين ، وجعلها كتاباً موقوتاً على المؤمنين . أحمده سبحانه على ما عمنا به من فضله وأولانا ، وأشكره ولم يزل يولي الشاكرين إحساناً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيداً وإيماناً ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله يدعو إلى التوحيد سراً وإعلاناً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا له على الحق أعواناً ، أما بعد ،،،

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي التجارة التي لا تبور ، وأحثكم على مراقبته فإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

عباد الله : إن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد حث الإسلام على إقامتها في الحضر والسفر ، وفي السلم والحرب ، وفي الصحة والمرض ، لكن الناس في هذا الزمان في أمر الصلاة متفاوتون ، فمنهم التاركون الجاحدون ، ومنهم التاركون المتكاسلون ، ومنهم من بصلاة الجماعة لا يهتمون ، ومنهم المحافظون .

فمن أي الأصناف أنت ، وأي جادة سلكت ، وبأي مصير رضيت ؟

أما التاركون للصلاة فاسمعوا إلى ما هم عليه قادمون :

يقول جل وعلا ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» ويقول : «ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة» ويقول : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» ويقول الصحابي الجليل عبدالله بن شقيق رضي الله عنه : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر ؛ غير الصلاة . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه «لا تشرك بالله شيئاً وإن قطعت أو حرقت ، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً ، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة» الحديث … وقد ألحق بعض العلماء من تركها تهاوناً وكسلاُ بهذا القسم وحكم عليه بالكفر عياذاً بالله من ذلك .

 وهناك أقوام لا يشهدون صلاة الجماعة في المساجد مع المسلمين ، محتجين بكثرة الأعمال ، فإلى هؤلاء نقول : اسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد وغيره من حديث ابن أم مكتوم رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله :أنا ضرير شاسع الدار ، ولي قائد لا يلايمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : «تسمع النداء» قال : نعم ، قال : «ما أجد لك رخصة» ، وإلى ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» وإلى ما رواه الحاكم وغيره ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر» وإلى قول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كما عند الإمام مسلم : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات ، حيث ينادى بهن ، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم ، كما يصلي هذا المتخلف في بيته ، لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، إلى أن قال : ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق . فاربأ بنفسك أن تكون من هؤلاء ، واعلم بأن الأعذار وإن راجت على من حولك ، فإنك محاسب من علام الغيوب ، من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وتذكر وقوفك بين يدي الجبار جل جلاله ، وتخيل نفسك وقد قدمت بصلاة فيها خلل ، وصحيفتك ملأى بالزلل ، وقد فرطت في العمل ، فاحمد الله أخي الحبيب فلا زلت اليوم في وقت الإمهال ، فلا تضيعه بالإهمال ، واعقد العزم من الساعة ، على المحافظة على الجمعة والجماعة ،

ودع عنك التسويف فإنه رأس مال المفاليس . واعلم أن الله جل جلاله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل وفقني الله وإياك لطاعته ، وجنبنا معصيته ، وجعلنا على الصلاة من المحافظين ، أقول ما تسمعون

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه … أما بعد ،،،

فيا معاشر المحافظين ، ابشروا بفضل رب العالمين ، أما تقرؤون في القرآن العظيم ﴿قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ

وإليك هذه البشارات من أحاديث صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  تبين لك بعض فضائل الصلاة وفوائدها:

فمنها أن الصلاة سبب في دعاء الملائكة للعبد قال صلى الله عليه وسلم «صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين درجة ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ، ما دام في مصلاه ، اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة»

الصلاة سبب في مغفرة الذنوب قال صلى الله عليه وسلم «من توضأ فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة ، فصلاها مع الإمام غفر له ذنبه»

الصلاة سبب في محو الخطايا ورفع الدرجات قال «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال : أسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط»

الصلاة سبب للفوز بالنور التام يوم القيامة قال «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»

الصلاة سبب في جلب الرزق ودخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم «ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي ، وإن مات أدخله الله الجنة ، من دخل بيته فسلم ، فهو ضامن على الله ، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله» وقال صلى الله عليه وسلم «خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس ، على وضوئهن ، وركوعهن ، وسجودهن ، ومواقيتهن ، وصام رمضان وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً ، وآتى الزكاة طيبةً بها نفسه ، وأدى الأمانة»

الصلاة سبب لرضى المولى عن عبده قال صلى الله عليه وسلم «ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم»

الصلاة سبب في مجالسة الملائكة قال صلى الله عليه وسلم «إن للمساجد أوتاداً ، الملائكة جلساؤهم ، إن غابوا يفتقد ونهم ، وإن مرضو ا عادوهم ، وإن كانوا في الحاجة أعانوهم»

الصلاة سبب للسعادة في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم «رأيت ربي في أحسن صورة ، فقال لي : يا محمد ! قلت : لبيك ربِ وسعديك ، قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا أعلم . فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي – أو قال : في نحري – فعلمت ما في السموات وما في الأرض – أو قال : ما بين المشرق والمغرب – قال : يا محمد ! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : نعم في الدرجات ، والكفارات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء في السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، ومن حافظ عليهن عاش بخير ، ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه»

الصلاة سبب في البراءة من النار والنفاق قال صلى الله عليه وسلم «من صلى لله أربعين يوماً في جماعة ، يدرك التكبيرة الأولى ، كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق» فاحرص أخي الحبيب على الفوز بمرضات الله ...